نقطة التحول الثانية


نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


أن تكون على مشارف تحديد مستقبلك ذلك شيء يجعلك تبدوا متوتراً ، شارد الذهن جراء الكم الهائل من الخيرات المطروحة أمامك. الحل الأمثل هُنا أن تختار الطريق الأقرب إلى نفسك ، لكن أن تختار الأقرب إلى نفوسهم فذلك كفيلٌ بأن تتوقف في منتصف الطريق وتقول ليتني أصغيتُ لـ صوت قلبي ولم أجازف بمستقبلي لإرضاء آخرين أحبهم. هم حققوا أحلامهم واختاروا الطريق التي تناسبهم ، أو ربما لم يحققوا شيئاً ففضلوا رؤية أحلامهم تتحقق على يدي دون أدنى مراعاة لرغباتي وأحلامي ، أنا أحبهم حقاً ولن أعصى لهم امراً وسأحاول تحقيق رغباتهم وطموحاتهم في رؤيتي ناجحاً في مستقبلي سعيداً في حياتي. قررتُ في الصف الثانوي ثانوي أني سأختار القسم الأدبي وهذا لم يعجبهم كثيراً ، كل يوم أرى نظرات العتاب في عيونهم. لقد أصيبوا بخيبة أملٍ كبيرة لأني لم أكن عند حسن ظنهم ، وفضلت إختيار ما أُحب ، كانت هذه النظرات تقتلني ، تُشعرني أني عديم الفائدة ، فرأيتُ أن أفعل ما يريدون لأن لهم الفضل بعد الله سبحانه وتعالى فيما وصلتُ إليه ، وقررتُ التحويل إلى القسم العلمي رغم عدم محبتي له ، أنا فعلاً لا أتخيلُ نفسي أقوم بالعديد من المسائل الحسابية المعقدة لأكتشفَ إذا ما كانت ( س ) سوف تساوي ( ص ) ولن أُفني عمري في معرفة ما الذي سوف يحدث إذا مزجنا كلوريد الصوديوم مع أكسيد المغنيسيوم ! هذا مستحيل !! ولن أحتمل يوماً واحد في هذا الجنون ! المهم أني فعلت ما أحبُّوا أن أكون عليه عندها فقط ولأول مرة طوال سنوات دراستي أحصلُ على درجات متدنية في جميع المواد العلمية ، كانت سنةً عصيبة كرهتُ فيها مناهج وزارة التربية والتعليم وألتهمُ ما سواها من الكتب. ومرت تلكَ السنين كـ سلحفاة عجوز ، ووجدتُ نفسي أحملُ شهادتي الثانوية بـِ مُعدلٍ لا بأس به رغم أني لم أكن أستذكر دروسي إلا ليلة الإمتحان ولكني حصلتُ عليها وهذا هو المهم ، ذهبتُ في اليوم التالي للتسجيل في عدد من الكليات العسكرية التي تخرِّجُ العديد من الضباط في شتى القطاعات العسكرية ، كان آخر اهتماماتي أن أستمر في التعليم لأني مللتُ كل تلك المواد العلمية التي تجعلني أبدو أقربَ إلى الجنون ! وأثناء استكمال إجراءات قبولي في إحدى تلك الكليات مررت بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة لأقوم بالتسجيل بها احتياطاً لأي مفاجأة قد تحطم حلماً آخر من أحلامي ، هو القدر ساقني إليها لأنه لم يتم قبولي في أيٍّ من القطاعات التي اخترتها رغم أني مواطن سعودي قمت باجتياز كل تلك الإختبارات التي أخضعوني لها من مقابلة شخصيِّة إلى كشف طبي واختبار للياقة البدنية ولكن لم يتم قبولي لأن الكل كان لهم أقرباء في العديد من الوزارات ولم يكن لي سوى الله سبحانه وتعالى. فقلتُ في نفسي الخيرة فيما اختارهُ الله وعدتُ إلى المنزل أجرُّ أذيال الخيبة ! ووجدتُ نفسي مقبولاً في جامعة الملك عبدالعزيز بكلية العلوم رغم أنها لم تكن من ضمن خياراتي في تحديد الرغبات أثناء التسجيل ! حتى في المكان الوحيد الذي تم قبولي فيه لم يكن لي الخيار ! وعدتُ مرة أخرى وكأن شيئاً لم يكن ، عدتُ من جديد للمقررات العلمية التي أُبغضها ! أنا أفهمها وأستطيعُ إكمال دراستي بها ولكنِّي أُبغضها ! هل رأيتم أحداً يقومُ بعملٍ يُبغضه وهو يبتسم ؟! هكذا كنتُ خلال العام والنصف الذي قضيتهُ في دراستي الجامعية كنتُ أحمل أسفاري كل يوم لأذهب إلى جامعتي وأعودُ كما ذهبت ! أن تفعل ما تُحب ذلك كفيل بجعلكَ تتفانى في عملك / دراستك / أي شيء في هذه الحياة فقط شريطة أن تحب ما تعمل لكي تعمل ما تُحب في المستقبل !
وإلى لقاء