النهايات دوماً تأتي سوداوية ، فيها الكثير من الدموع ، ولكن ها أنا أُنهي حديثي لكم بإبتسامة عريضة ، لقد كنتُ في بعض نقاط تحولي متشائماً ، ربما بالغتُ قليلاً في اعتبار كل هذه التحولات مأساوية ، أنا حقاً إستفدتُ الكثير من نقاط التحول العديدة في حياتي التي لم أذكر منها سوى القليل وذلك لـ ألا أُطيل عليكم أكثر ، فهناكَ المواضيع التي تستحقُّ القراءة ، لقد تسمرتم أمام الشاشات بما فيه الكفاية ، وهناك سبب آخر أجبرني على إختصار نقاط تحولي وهي المقولة الشهيرة ( بارك الله فيمن زار وخفف

) وأنا كنتُ ضيفاً ثقيلاً عليكم ، والآن سأُنهي ما بدأته وهذا هو المهم
• تعلمتُ أنا مهما عملنا في هذه الدنيا ، فلن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا ، لن أنظر لما حصل عليه غيري ، لما حقق خلال حياته ، سأركز على نفسي فقط ، وأعملُ على تحويل كل أمنياتي إلى حقيقة ، لن يأتي شيء دون عمل / تعب ، أن تجلس في منزلكَ وتتمنى أمنية بالتأكيد لن تتحقق إلا إذا اجتهدت وسعيت لتحقيقها فستجني حتماً ما زرعت.
• تعلمتُ أن كل منا يحتاجُ إلى جلسة مع النفس من حين لآخر لمحاسبتها ، مراجعة كل ما عمله خلال الفترة الماضية ومحاولة تصحيح كل الأخطاء التي ارتكبها ، هذا يساعدنا كثيراً على الإحساس بنوع من الرضا عن النفس.
• تعلمتُ أن كل شيء سيتحقق بإذن الله فقط علينا أن نتحلى بالصبر ، ونتسلح بالعمل وسنحقق كل ما نحلم به وسيصبحُ واقعاً ملموساً بعد أن كان يبدو حلماً بعيد المنال.
• تعلمتُ أن الدرب طويلٌ جداً ، ولا يبقى معك إلا الأصدقاء الحقيقيون ، هم وحدهم لا يعتبرونكَ مجرد محطة يبقون فيها لفترة من الزمن ثم يغادرونها إلى محطة أخرى ، هم من تكون بالنسبة لهم بيتاً ويكونوا بالنسبة لكَ وطن ، لا تخسرهم فلا أحد يجدُ أصدقاء حقيقيين في هذا الزمن ويفرطُّ فيهم بكل بساطة.
• تعلمتُ أنهُ من الممكن أن يعلمني بائع خُضرة / سائقُ تاكسي / عامل نظافة / رجلٌ عابر على هامش الحياة مالا يعلمني إياه شخصٌ أفنى عمره على مقاعد الدراسة ليحصل على أعلى الدرجات العلمية ثم يكتشف أن رصيده من التجارب في هذه الحياة لا يتجاوز الصفر.
• تعلمتُ أن الكتاب صديقٌ حقيقي تُسامره / تقرأه / وتقرأكَ فيه / تكتب لهُ رسالة على الهامش ، يلتهم سطورها سريعاً ويبتسم ، ثم يُلقي لكَ معلومة لا تعرفها ولم يقرأها غيركْ ، وتبقى علاقتكَ بهِ مستمرة ما دامت عيناكَ قادرتين على النظر إلى سطوره الصغيرة ، وعندما تصبحُ كهلاً ، تُهديه لحفيدكَ ولا تُخبره عن علاقتكَ السرية معه ، تتركهُ ليكتشف ذلك بنفسه.
• تعلمتُ أنا نصلُ إلى هذه الدنيا لا نملكُ شيئاً ولا يسترنا شيء ! ولن نحمل معنا شيئاً حين نغادرها سوى أعمالنا وما قدمنا لحياتنا الحقيقية ، سنتركُ كل شيء خلفنا ونمضي .. الأموال / الأراضي / الأبناء / الزوجة / الأهل / الأصدقاء / الأماني ، جميعهم سيبقون وسنرحل وحدنا لا نحملُ معنا سوى ما كسبتهُ أيدينا ، وأن هذا ما يجبُ أن نستعدَّ له ، هذه نقطة تحولنا الكبرى التي ما دمنا قادرين على التنفس / الكتابة فلم نصل إليها بعد وعلينا الإستعداد لها جيداً.
تعلمتُ الكثير وما زلتُ أتعلم ما دام قلبي قادراً على النبض ، وحتماً لا زلتم تقرأونني ولكن بقليل من الحماس فقد أطلتُ عليكم كثيراً ، على كل حال شكراً لأنكم هُنا ، شكراً بحجم الحُب الذي أحملهُ لكم في قلبي ، شكراً على إحتمالكم لثرثرتي ، وأتمنى أني كنتُ عند حُسن ظنكم بي.
وإلى لقاء
