هل يُعقل أن ترتبط بكائن آخر لمجرد إنجاب العديد من الكائنات الأخرى التي ستحملُ إسمك ! لكي تنجب العديد من النسخ منك لـ ألا يصحو البشر يوماً ولا يجدوا شخصاُ مثلكَ أو حتى يشبهك ويفقدوا علماً من الأعلام ، أن يتحول الزواج في نظر البعض إلى مجرد عادة إجتماعية يجبُ أن يؤديها الجميع بمجرد إكماله لدراسته وحصوله على وظيفة ما الذي يدعوه للبقاء وحيداً .! يقول في نفسه " الجميع يتزوجون شمعنى أنا يعني اللي ما أتزوج ؟! هم ليسوا أفضل حالاً مني " ، الزواج جميل ولكني لا أحتاجُ إليه الآن في هذه المرحلة على الأقل ، كنتُ أعتقدُ ذلك خلال الفترة التي قضيتها في وظيفتي إلى أن تزوجت ، ووجدتُ بنت الحلال التي تقبلُ بي كما أنا ، بجميع عيوبي الكثيرة جداً ، نبحثُ عن إمرأة جميلة خالية من العيوب بينما نحنُ نمتلئُ عيوباً ! أليست هذه أنانية مفرطة ؟! ثمَّ نكتشفُ لاحقاً أن جمال الروح أهم من جمال الجسد. الحياة الزوجية نقطة تحوّل في حياة كل إنسان إما للأفضل أو للأسوأ ، أن تُرزق بزوجة صالحة تخافُ الله كثيراً ، ترعى بيتها ، وتعرفُ كيف ترضي زوجها فلعمري تلكَ نعمة يجبُ عليك شكرُ الله عليها طوال حياتكَ. الزواج ليس فقط أن تختار أنثى لتقاسمكَ السرير وتقاسمك الطعام والشراب وحتى الهواء ، الزواج رباطٌ مقدس يجمعُ الأرواح قبل الأجساد ويجعل حياتكَ تتغير كلياً. تقدمتُ لـ إبنة عمي ، فقبلت بي لا أدري لماذا ؟! ربما لأجل " الظفر ما يطلع من اللحم / البنت لإبن عمها / ولأجل أن تفعلَ خيراً لآخرتها في هذه الدنيا الفانية " حقاً إن الزواج من شخص مثلي هو فعلُ خير ، المهم أني تزوجت وأصبحتُ مسئولاً عن أسرة وهذا تحولٌ جديد في حياتي ، ومنعطفٌ تاريخي يجبُ عليّ الإعتراف به.كنتُ أعتقد سابقاً أن الزواج هو لكي تقوم المرأة بالطبخ والغسيل وتنظيف المنزل وتفريخ الأولاد ، ويتفرغ الرجل للأكل والنوم والعمل والسهرات ! الكثيرُ يعتقدُ ذلك أو هذا ما يُمارسه في حياته الزوجية ! أنا لا أعلمُ حقاً لم نتزوج إن كان هذا ما سنفعله ؟ إن كنا لا نعرفُ واجبات الحياة الزوجية ، لا نعرفُ كيف نجعل هذه الحياة تمضي بسعادة فلماذا نقدم على ذلك من البداية ؟! لقد تزوجت وأصبحتُ رجلاً ولي شاربٌ يملئُ وجهي ولدي بيت وسيارة وجوال ووظيفة وراتب وزوجة ، ولكن بداخلي طفلٌ يلهو مع أمه ، طفلٌ يبكي لكي يحصل على " دراجة " كمكافئة للنجاح أسوة بكل الأطفال في عمره ، طفلٌ يبتسمُ ببراءة لبائع آيسكريم عسى أن يمنحهُ واحداً دون مقابل ، طفلٌ لا يستطيعُ نطق حرف الراء بشكل صحيح ولكنهُ يصرُّ على التواجد في الإذاعة الصباحية كل صباح في داخلي أحلامُ كبيرة كانت لا تناسبُ مقاسي .. والآن أراها تناسبني وقادرٌ على تحويلها إلى حقيقة ، ولكن هل بقي في العمر مُتسعٌ لـ تحقيقها ؟! أنا مُذ تزوجت ، تحولتُ إلى كائن آخر ، بدأتُ في إكمال دراستي ، وأصبحتُ أنظر للأمور من منظور آخر ، أكثر واقعية ، وأكثر إتزاناً .. أحمدُ الله على ذلك كله ، وأسألُ الله أن يسهل لي السُبل لكل ما فيه رضاه سبحانه .. بالتأكيد أُصبتم بالملل طوال هذه المدة ، أن تقرأ لأحد يكتب نقاط تحوله بهذا البطئ فذلك كفيلٌ بدخول شتى أنواع الملل إلى نفسك .. أما أن يكون هذا الأحدهم هو أنا فذلك مالا يمكنُ إحتماله أبداً ! ولكن أنتم لستم مجبرين على التسمر أمام الشاشات بإنتظار كلماتي ، ولستم مُجبرين على دخول هذا الموضوع بالذات لأن ما بهِ لا يسحق ، المهم شكراً لأنكم هُنا ، ليس بالضرورة في هذا المتصفح ، ولكن شكراً لأنكم هُنا في هذا المنتدى ، شكراً لأنكم تكتبون ، تقرأون ، تُعلقون ، تبتهجون ، تحزنون ، لم يعد الإنترنت عالماً إفتراضياً ، أصبح عالماً واقعياً ، يشعرُ بعضنا ببعض ، نفتقدُ البعض إذا غاب ، نفرحُ لعودة آخر ، ونهنئُ ثالثاً لـ نجاحه ، ونُبارك لرابع زواجه ونحتفلُ بخامس لأنه بلغ ألفيّة أخرى من المشاركات.أصبحَ جزءاً من حياة كلٍ منا ، عرفنا هُنا أناساً من الصعب نسيانهم ، أو محوهم من ذاكرتنا ، نحبهم ، نحترمهم ، ونعتزُّ بهم كثيراً.
وإلى اللقاء مساء هذه الليلة مع ختام نقاط تحولي
