تعدد مدراس الحداثة ما بين المدرسة الأوربية والمدرسة الأمريكية والمدرسة الروسية وغيرها من المدارس الفكرية المتنوعة ولكون هذه النظريات الفكرية تعالج نظرة الإنسان الغربي للإنسان والكون والحياة هذين العاملين أوجدا لدى المستعيرين لها خلطا في التعريف خاصة عند المتلقي ولا يجدون أمامه مسوغاً فما يسعهم إلا التمويه بعبارات ملتبسة ومتداخلة في آن مثل المعاصرة والتحديث والتنوير والتطوير هذا الاضطراب في تعريف الحداثة أورث أفكاراً مضطربة وغير منضبطة في فهم مضمون الحداثة وهو مربط الفرس.
عرف الدكتور الغذامي الحداثة في كتابه (حكاية الحداثة ص 36) : بأنها التجديد الواعي أي الوعي في التاريخ والواقع ثم ذكر تعريفات أخرى لأدو نيس عن الحداثة بأن الحداثة توحي بموقف مختلف في مسائل التراث. مع أن كتابات أدو نيس تنص لا توحي فلعله لا يرتضيها أو مسايرة للعهد الذهني عند المتلقي. فالتجديد والوعي مصطلحان كلنا نقرها ونطالب بها لكن أي تجديد وما هو الوعي المقصود. ولا حظوا كلمة التراث أتعلمون ما المقصود بها؟ القرآن والسنة لا غيرهما فعندما تصبح تراثاً يسهل الأخذ من غيرهما.
هذه الحداثة فما هي البنيوية؟
البداية الحداثية الفكرية الفلسفية تدور حول مركزية الإنسان وهو ما يعرف بـ (الفكر الهيوماني) البشري من تعبيرات هذه الفكرة مختلفة منها العقلانية والاستنارة التفكيكية والبنيوية الخ هذه المصطلحات الغامضة المبهمة هذه البدايات للحداثة تقتضي تجاوزا لكل ما يعتقدون أنه (نسقي) أو (محافظ) أو (ثابت) أو (مؤسسي) إلى أن تصل في أقصى درجات غلوائها إلى تجاوز (الغيبي) و(القيمي) مابين الأقواس كلها مصطلحات للحداثة. نعود إلى البنيوية من منظر حداثي حينما نقرأ رواية أو نصا أدبيا آخر بلغا من الجمال غايته.
نأتي لنطبق عليها فكرة البنيوية أو التفكيكية فيقولون النص دال ومدلول معاً والإبداع كاتب وقارئ ; لأن المؤلف مات بمجرد إنتاجه ثم يقولون الثقافة فعل ومفعول في الوقت ذاته إلى آخر ما هنالك من هذه التراكمات اللفظية التي تعود جميعها-جوهرياً- إلى إلغاء ثنائية الخالق والمخلوق وهي التي تعني عند المؤمن الانفصال التام بين الاثنين وتعني افتقار المخلوق إلى خالقه.
إلغاء هذه الثنائية وهو ما عبر عنه نيتشه بـ (موت الإله). طبعاً لا يوافق بعض الناس (الحداثيين) على ظهور الحداثة بهذه الصورة وإن كانوا يتداولون مدلولات تنتهي في سياقها الفكري إلى هذا.
أعرض عن باقي الكلام خشية الإطالة والتشويش بكلام لا طائل تحته.
وللمعلومية لأخي مستريح البال ولغيره ممن يقرأ هذه الملاحظات والكلام عن الحداثة وغيرها من المصطلحات كانت في عام 1425هـ كنت حينها حديث تخرج من الجامعة وكان للحداثة وقتها رواج فكري وانتشار لمصطلحاتها فأخذت أبحث وأطالع ثم لما كونت حصيلة أظنها مقنعة لي إلى حد ما في فهم غوامضها توقفت.
ومن أراد الفائدة فليقرأ للدكتور حسن الهويمل في نقده لفكرة الحداثة ولمفهوم البنيوية وكذلك الدكتور سعيد بن ناصر الغامدي وكذلك المطاحنات التي تمت بين رموز الحداثة في بلادنا أيهم إليها أسبق وبها أعلم ومنهم الدكتور عبد الله الغذامي فله مقالات وصولات وجولات في الجرائد والمجلات عن حقه السليب وقدم سبقه في هذا المجال ونعيه على من اقتطعه وأخذه منه.



هذا رأي في الحداثة وقد اختصرت كثيرا