الطريق
الطريق
قــال : الطـريـقُ قريـبـةٌ مــن هـــا هـنــا
قـلــتُ : اسـتـقــلّ خــواطــري ونـهـايـتـي
وسـنـيـنَ غَـرْثــى لــــم تــــزلْ مــشــدودةً
أقـتـابُـهـا بــصــدى الـحـديــثِ الـبــاهــتِ
فـأثــرتُ تُـــرْبَ الـــروحِ بـيــن جـوانـحـي
وسـقــيــتُ حــرفـــي أَسْــتَـــردُّ حـكـايـتــي
فـلـقــدْ مـشــيــتُ ولـــــم أزلْ مـتـأبـطــاًً
عَــزْمــي وخَــطْــوي وانـكـفــاءَ بـدايــتــي
أروي الـصـبــاحَ كـهـولـتـي ومـلامـحــي
وأبـيـحُ مــن وَجَـــعِ المـسـيـرِ عـبـاءتـي
فضرمْتُ- رَغْمَ البينِ- نشوةَ أخمصي
ودلـقْـتُ عـمـري فــوقَ نَـصْـلِ مَـفَـازتـي
ورمـــيـــتُ ذاكـــــــرةَ الــعــثـــارِ بـقــفــرهــا
وأنــرْتُ مـــن نَـقْــعِ الـطـريـقِ مسـافـتـي
ونسيـتُ بَعْـضـي فــي الطـريـق لعلّـنـي
أَدْنُــــو قـريـبــاً مــــن صــبــاح لَــذَاذتـــي
سُمْـتُ الـزوادَ عسـى الطريـقُ تقـودنـي
وعــرضْــتُ ظِــلـــي بـاخــســاً وإداوتـــــي
وظـنــنْــتُ أَنّـــــي مــاتـــحٌ مـــــن دربــــــهِ
شـيـئــاً ولــكــنْ عُــــدْتُ فــــي سَـبّـابـتـي
أتــوسّـــدُ الـقــيــظَ الـخـصـيــبَ مــراحـــلاً
وأخـيـطُ مــن صَـفْـوِ الهجـيـر مُـلاءتــي
وألـمــلــمُ الـخَــطَــواتِ رَجْـــــوَ هُـطـولِـهــا
فَنَمَـتْ صـحـاري القـحـطِ فــي حَمّالـتـي
فـأعــدتُ ذكـــرى القافـلـيـن ومـــا تــــرى
إلا ســكــونــاً قــــــد أنــــــاخ بـســاعــتــي
فحثـثـتُ خـيـلَ العـمـرِ ظامـئـةَ الخـطـى
وسـقـيـتُـهـا بــوحـــا ًتــســـوّرَ رايـــتـــي
ولـفـظــتُ وقْــــعْ الـتـيْــهِ مــــن مـوّالِــهــا
وأشـعــتُ لــحــنَ الـذاهـبـيـنَ بـسـاحـتـي
فـــــــإذا ريـــــــاحُ الـعــابــريــن ســــوافــــرٌ
تـغـتــالُ ركــضــيَ وافْــتِـــرار صـبـاحـتــي
وتهـيـلُ مــن شَـعَـثِ الطـريـقِ سـؤالَـهـا
وتَــفُـــتُّ قَــــــدْحَ الــعــاديــاتِ بِـقَـامــتــي
فأقلْـتُ ضَـبْـحَ الــروحِ أسْـرجـتُ المـنـى
لـكــنْ كَــبَــوْتُ وفــــي يــــديَّ سـمـاوتــي
فـغـرسـتُ شَـــطْءَ الـعـمـرِ فـــي بـيـدائــهِ
ووأدْتُ رأســي فـــي انـتـظـارِ عِمـامـتـي
يـــــــا ذا الــطــريـــق تـــؤزُّنــــا لــغــوايـــةٍ
خصـفـتْ بلـيـلِ السَـفْـر نـعْـلَ متـاهـتـي
وَحَـثَــتْ عـلــيَّ سـمـومَـهـا وحـسُـومَـهـا
وغَـــدَتْ تُـسـافِـرُ فـــي ظِـــلالِ سـآمـتـي
يــــا أنــــتَ مـشـكــاةُ الـحـيــاةِ طـريـقُـهـا
فـاشـعـلْ خـطــاك وقُـــدْ دروب مقـالـتـي
وابْــعـــثْ غُــبـــاركَ واسْـتــعــدْهُ نــهــايــةً
مـــابـــدؤُهـــا إلا مـــــخـــــاضُ نـــهـــايــــةِ
هــــذي الـطــريــقُ وذاك آخــرُهـــا هُــنـــا
فـاطْـلـقْْ بـيـاضَــكَ إنْ أردْتَ بـدايـتــي
شعر أستاذي يحي حسن مذكور