بغض النظر عما إذا كانت رحلة الشيخ القرعاوي رحمه الله سياسية خالصة أو دينية خالصة أو خليطا من هذا وذاك, أرى أن المهم في هذا الحوار -الذي أرجو أن يمتد وفق ضوابط الحوار- هو الجانب المتعلق بفكر وعقيدة الناس في تلك الفترة, والذين هم ولا شك جدي وجدك وأبي وأبوك وأهلنا أجمعين ..
أنا أعتقد وفق دلائل واقعية أشار لبعضها الزميلان موعد في بغداد ومجموعة إنسان, وبقي بعضها الآخر.. أعتقد بعدم صحة تلك الصورة القاتمة للناس وللمكان في ذلك الوقت, وبالتالي تغييرها على يدي الشيخ القرعاوي وطلابه عليهم جميعا رحمة الله إلى ماهي عليه الآن .
فضلا عما ثبت من وجود المساجد ومرتادي المساجد من المصلين والذاكرين والشاكرين, وفضلا عما ثبت من وجود المعلمين والمتعلمين, وغير ذلك من دلائل الخير والفضيلة والصلاح, هناك ملامح أخرى لهذه الصورة الزاهية للناس والمكان في ذلك الوقت .
من ذلك هذه المساحات الشاسعة من الأوقاف الزراعية ليس فقط على الذرية, بل على العلم والمتعلمين والمساجد والفقراء والحجاج وأبناء السبيل .
ما من أسرة ولا قبيلة ولا موسر ولا موسرة من أبناء تلك المرحلة إلا ووجدتَ له وقفا زراعيا في أفضل وأخصب ممتلكاته وتركته من الأرض .
أي أمة جاهلة أوعابدة لغير الله من الصنم والوثن والشيطان هذه التي تخلف وراءها أكثر من ثلث مساحتها الزراعية العامة وقفا لله رب العالمين ؟!
مع ذلك ليس من شك في وجود مظاهر وممارسات كفرية وشركية وخارجة عن العقيدة هيأ الله لهذا الشيخ الجليل القضاء عليها وإزالتها من خارطة الواقع في ذلك الوقت وحتى هذا الوقت والحمد لله, ولكن لم يكن ذلك حكرا على هذا المكان ولا على أهل هذا المكان, وإنما هو حال أغلب الناس والأمكنة في ذلك التاريخ . بل لا يمكن لأي أحد إنكار وجود ما هو أسوأ من ذلك من العادات والممارسات والأفعال في هذا الوقت الموصوف بالتنوير .
وجدتُ في أوراق جدي حمود - في منتصف حكم الإدريسي - صكا فاصلا في خصومة بين طرفين ...
لم يكن مضمونه وفق شريعة الغاب ولا تشريعات الهنود الحمر ولا شيئا من هذا القبيل..
لقد كان وفق شرع الله, بحسب حكمه, وبحسب ما اعتمد عليه من الآيات والأحاديث عن الله تعالى ومحمد عليه السلام .
فأي أمة جاهلة أو عابدة لغير الله تلك التي تحكم بما شرع الله, على حساب ما تعبده من الأصنام والأوثان والشياطين إن كان صح مثل هذا القول ؟!
.