لونك المفضل

المنتديات الثقافية - Powered by vBulletin
 

النتائج 1 إلى 7 من 7

الموضوع: << أغلى وأجلَّ هدية >>

  1. #1
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية عبدالله البت
    تاريخ التسجيل
    09 2006
    المشاركات
    441

    << أغلى وأجلَّ هدية >>

    " أغلـــــــــى هديــــــــــــة "
    عزمتُ على أن أقدم أغلى وأجل هديه
    ورحتُ أسأل كل خبير ذو فكر ودراية ورويه .
    ما أثمن ما يمكن أن يقدمه المرء لمحبوبه كهدية؟
    فأجابوني :- في مناك منيه ، فتروى ليس منا أيها الصاحب من يهوى المنية!
    قلت :- ما كنت لأخشى ، فأجيبوني .أجيبوا إن لي روحاً أبيه.....

    ***************

    فأجابوني :- تروى . كان للأصحاب من قبلك عزم وحميه.
    ذهبوا وتلاشوا . لم يعد منهم عتيد ، سُلبوا النفس الزكية.
    حسرات ذاقها الصحب ذوي الأصحاب يا هذا ، ولم تحفظ وصية .
    قلت :- إن شأناً لهدية يورد الموت ، لشأن عظيم ماله دعوى الروية.
    مطلب للنفس وحق لهواها ، أي درب نهجوا ، أي درب سلكوا ثم ما تلك الهدية؟.

    ***************

    فأجابوني :- تلك ورود عطرات زكية . في رياض فاتنات ذات أوراق ندية.
    خالدات حسنها الحسن . لا تفنى ، ولا تبلى ، ديمومة الإشراق صبحاً وعشية.
    محفوفةٌ بسياج من الصلد ، وضباع ذات أفكاك ، وأنياب قوية.
    ومخلوق عجيب الهيئة . مارد ضخم . يتوقد الشر من عينية ، وأشواك صلية.
    إنه الموت والهلاك وتعجيل المنية ، فتروى .. تروى أي بنية.

    ***************

    فعزمت ، وودعت هوى النفس ، وقبلت ، وأعظمت التحية.
    وتجلدت كأني لم أكن في فراق هو عندي أعظم شأناً من شأن تلك المنية.
    قال :- هون . قلت :- أما كنت تدعوني الهدية . قد عزمت مضياً . سأعود ما لذي النفس بقية.
    سوف يعلم الكل مقدار هواك ، وتعلم أنك الأثمن والأغلى لدية.
    ثم أسرجت خيلي ، وتوشحت سيفي ، وأبلغته مني الوصية.

    ***************

    ومضيت أبحث الأرض التي تعبق بالشذوا ، وتسلب الروح الفتية.
    وفي الدرب . حيث البيد القاحلة ، وأصوات الرياح العتية.
    إذا بصوت هزيل ينادي . أي بنية ، تحركت يمنة ، ويسرة ، فإذا بشيخ يكاد يهلك ، وعن يمينه طفلة صبية.
    قلت :- ما بال الشيخ ، وطفلته . أضياع درب ، وفقدان رعية؟.
    فأجاب الشيخ:- ما دعيت من قبلك سالكاً للدرب هذا، وأجابني ، فجزيت الخير ووقيت شر الهدية.

    ***************

    قلت:- الهدية! ، ألديك علم أيها الشيخ بأمر الهدية؟.
    قال:- ما سلك الدرب أحد من قبل إلا وتحدث عنها دون أن يصغي إليه.
    كلما حدثت أحدهم قال لي :- تنحى إنني عجلٌ ، وصاحب درب طويل ، وما شيءٌ لدية.
    فأجيبه :- رحماك . ما أريد شيئاً . إنما شربة ماء ، وكسرة خبز تنقذ الصبية.
    فيتولى ذاهباً دون رحمة أو شفقة على طفلتي ، مردداً تنحى ..تنحى عطلتني عن جلب الهدية.

    ***************

    فكرت في أمر هذا الشيخ ، وقدرت ، وقلت في ذاتي . ما بقاءه دون حراك والصبية.
    وعزمت أن أعطيه ، ما يكفيه ، وطفلته رغم طول رحلتي ، وحاجتي لما لديه.
    فشكرني كثيراً ، ثم أعطاني خرجاً (كيس) صغير ، به مادة أشبه بالمادة الترابية.
    قلت ما هذا أيها الشيخ الجليل ، فقال :- ما صادفتك المصاعب أطلقه ،فما يمس عيناً إلا وأغرقت في بحور سرمدية.
    شكرت الشيخ ، وانطلقت أشق الدروب ، بعد أن فهمت أيها الأنسب من إشارات الصبية.

    ***************

    وفي ليل ذات يوم ، حيث بدأ الشراب يقل ، والطعام لا يتجاوز راح يديه.
    افترشت الأرض ، وذكرت ربي ، ثم أغمضت عينية.
    ولم أفق إلا ، وامرأة تقف على رأسي ، تطلب مني لطفلها الرضيع ما تبقى لديه.
    خشيت أن أمنعها ، وقلت في ذاتي :- إن من ساق لها الرزق في تلك البقية.
    قادر أن يسوق لي الرزق ، وإن كان في ظلمات ، وأعماق خفية.
    فأعطيتها ما تبقى من شراب ، وطعام ، وهممت بالانصراف ، فناشدتني الروية.

    ***************

    قلت ما بك أيتها المرأة الطيبة؟ ، وددت لو كان لدى المزيد لوهبتك واجزيت العطية.
    قالت :- لست في حاجة ، الخير فيما بذلت ، ولكن خذ هذا ، فربما ينفعك أي بنية.
    قلت ما هذا .. فقالت :- بعضٌ عجيب من لقاحات زهرية . ما إن تنثره على جسدك إلا وتختفي عن كل عين ، فتقيك بإذن الله كل أذىً ، وردية.
    فشكرتها ، ونظرت لطفلها ، فإذا به مشرقاً ضحوك ، يتأملني تأمل المحب ، ويا لها من نظرة بريئة طفولية.
    وكان ما أدهشني فيه أنه أشار بإحدى إصبعيه إليه . يدلني على الطريق . حيث ما أبحث عنه حيث أغلاها هدية.

    ***************

    سرت وكلي أمل في الله كبير على نيل المراد ، وبلغت حيث إقصاء القضية..
    وهنا تسمرت إعجاباً ، وما عادت تقوى حراكاً قدميه..
    مشهدٌ يكاد لا يصدق . طرق ذات منحنيات ، وصخور وأوتادٌ عتية..
    وصدى لفحيح ، وعواء ، وزفراتٌ شديدةُ البأسِ قوية..
    ومضيت قدماً ، والخطوات ثكلى . تشكوني ألماً وتنذرني الردية..

    ***************

    لم أعر سمعاً لخطواتي ، وفجاءة إذا بجمعٍ أشهى ما لديه الأصناف البشرية..
    ضباعٌ شتى ، متمردةٌ.. عصيةٌ ، ووحشية..
    تذكرتُ ما أهداني ذاك العجوز الطيب ، فألقيته ، فإذا بها تبحر في عالم الأحلام الوردية..
    وهنا تقدمت ، وفؤادي يكاد يطير خشية دون أن يستأذنني في التحليق سوية..
    فإذا بالمارد الضخم وقد توسط مقصد ذاتي ، لزفراته ريح ، وزوابع رملية..

    ***************

    لم أدرك من شدة الموقف أمر ما كان من المرأة الطيبة الطاهرة النقية..
    أجل .. تلك المادة العجيبة ، فحملتها ، ونثرتها على جسدي يسبقها أملٌ في رب البرية..
    وحينما اقتربت من حارسنا الوحشي ، لم يشعر بأمري ، فتجاوزته دون رويه..
    لأشهد ما أثلج قلبي ، وأسعد ذاتي ، وناظريه..
    وما أن مددت يدي .إلا وانبلجت تلك الجموع تمنحني فرصة ذهبية..
    فقطفت الزهرة الندية ، وعدت سريعاً لأقدمها لأجمل مخلوق على وجه البرية...

    ***************

    وما إن تجاوزت المكان حتى أحسست بعودة ما فقدت لديه..
    ولا تسألني كيف كان شعوري . حين استقبلني أخر ما ودع واستودع ناظريه..
    فرحٌ وسرورٌ وبهجةٌ وشرودٌ ومعجمٌ من الأبجدية..
    تساؤلاتٌ ونظراتٌ وغبطةٌ ووجومٌ وشحوبٌ وتناهيدٌ دجية..
    وفضاءٌ من هوى نفسٍ يكاد يغرق ذاتي الحالمةِ النرجسية...

    ***************

    بحثتُ هنا وهُناك .. يقتاتُني الأسى ، وتذبحُني النظرات الشقية..
    أين وجودي ، وكياني ، وعلو شأني ، وأغلى ما لديه؟!!...
    أما من مجيب يؤنس وحشتي ، وينقضُ مُهجتي ، ويصغي إليه..
    أجيبوني .. أكاد أصرع ما شأن روحي ، وغلى مقلتيه..
    يتفرق الجمع ويخلوا المكان ، ويبقى مُدركٌ لما كان يخشاه عليه...

    ****************

    نعم أيها الشيخ الجليل .. ما شأن نبضي ، وأنفاسي الطاهرة الزكية؟!..
    أنت من سيجيبني .. رُحماك .ما عُدت أقوى على الأمر احتمالاً وروية..
    أمكروهٌ أصاب ، وهلاك أباد ، وفناءٌ حل بالروضة البهية؟!..
    يرد الشيخ الجليل:- لهان الأمر عليك ، وعليَّ أي بنيه..
    ماذا أيها الشيخ الجليل :- لهان الأمر !!، أترى فيما ذكرتُ هواناً عليه...

    ****************

    ما الأمر إذاً؟! لقد أذكيت ، وأثريت لهيباً عاصفاً يجتاحُ أعماقي الخفية..
    يردُ الشيخ الجليل :- هون عليك هون .. أتبصر تلك الصبية..
    نعم .. أيها الشيخ الجليل . ما أشبهها بغالي لدية..
    تلك الصبية .. نتاجُ قلة صبر ، وانعدامُ وفاءٍ ، ورحيلٌ للإنسانية..
    أدركتُ الأمر أيها الشيخ ..أدركتُ الأمر ، يا لي ما آلت إليه ، وآل إليه....

    *****************

    ما أسعد من هلك ، وما عاد ليجرع ألف موتٍ ومنيه..
    ما أسعد من هلك ، وما عاد ليجرع ألف موتٍ ومنيه..
    ولم أدرك الأمر إلا وأنا بين أحضان لها الطُهر والنقاءُ والحُسن سجية..
    القلبُ أمي تنوحُ باكيةً أشهدها تارةً ، وتارة تشهدني ، فمغشيٍ ، ومغشية..
    تشكو عدم حراكي ، وموت جسدي إلا من يدِ اليمنى حيثُ بقايا لأشلاء أغلى هدية...

    ************************

    << أبووسام >>

    10 / 11 / 1427هـ

  2. #2
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية الحلم
    تاريخ التسجيل
    07 2003
    الدولة
    صامطة
    المشاركات
    9,810

    مشاركة: << أغلى وأجلَّ هدية >>

    سرد أدبي مدهش..
    مترابط الأحداث..

    في ثناياه حكم..
    وتقطر حروفه بالألم..

    إبدلع وكفى..

    شكرا أبا وسام
    لك التحية

  3. #3
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية عبدالله البت
    تاريخ التسجيل
    09 2006
    المشاركات
    441

    مشاركة: << أغلى وأجلَّ هدية >>

    الكريم الفاضل // الحلم...

    زيارتك لصفحتي ، ومعانقة أحرفي محل تقدير وفخر وإعتزاز عظيم...

    دمت بود وصفاء...

  4. #4
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية TAS2past
    تاريخ التسجيل
    02 2007
    الدولة
    الكوكب الأزرق
    المشاركات
    790

    مشاركة: << أغلى وأجلَّ هدية >>


  5. #5
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية هبة الله
    تاريخ التسجيل
    10 2006
    المشاركات
    3,287

    مشاركة: << أغلى وأجلَّ هدية >>

    بارك الله فيك

    طرح رائع

    اختك هبة الله

  6. #6
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية عبدالله البت
    تاريخ التسجيل
    09 2006
    المشاركات
    441

    مشاركة: << أغلى وأجلَّ هدية >>

    الأخ//TAS2past

    أشكر لك حسن الثناء وطيب الحضور ، وشذا المرور...

    دمت بود وصفاء

  7. #7
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية عبدالله البت
    تاريخ التسجيل
    09 2006
    المشاركات
    441

    مشاركة: << أغلى وأجلَّ هدية >>

    الأخت الكريمة // هبة الله

    كلي تقدير وشكر عظيم لزيارة صفحتي..

    دمت بود وصفاء...

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •