في ظل مغريات العصر الإلكترونية..كيف نحبب حلقات التحفيظ لأبنائنا..؟
تكتظ حلقات تحفيظ القرآن الكريم، ولله الحمد، بالدارسين ومع ذلك فإن الحفاظ على هذه الحالة الإيجابية تتطلب تضافر عدة جهود في آن واحد، لعل أبرزها دور الأسرة في ذلك، حيث يعمل تشجيع الأبناء من خلال مختلف الحوافز على زيادة رغبتهم في الحفظ، وهناك بالطبع القدوة الحسنة، وهنا أيضاً يتأكد دور الوالدين والمعلمين..
وإذا تم الوفاء بكل ذلك وغيره فقد نلحظ أن بعض المتربين لا يكتفي بالتفوق فقط على أقرانه، بل حتى على المربين ذاتهم..
"الدعوة" تحدثت إلى عدد من المشايخ حول وسائل تحفيز الأبناءعلى الانتظام في حلقات تحفيظ القرآن..
دور الأسرة
تحدث أولاً الشيخ فهد فهيد القحطاني إمام وخطيب جامع التوحيد بالعريجا عن أسباب انتظام الطلبة في حلقات تحفيظ القرآن دون سواهافقال:
لقد قال صلى الله عليه وسلم: "خيركم من تعلم القرآن وعلمه"، فلهذه الخيرية أثرها في تعلم الطلاب وحفظهم لكتاب الله عزَّ وجلّ ولها الأثر في انتظام الطلبة في الحفظ، وكذلك المربي له الأثر في انتظام أبنائه في الحفظ، فعلي المربي تحفيز أبنائه بالجوائز وغيرها سواء كانت مادية أو معنوية، فالتحفيز من قبل ولي الأمر له الأثر البالغ في تفوق ابنه ووصوله إلى الدرجة التي يطمح إليها.. في نفس الوقت لا بد أن يكون ولي الأمر حريصاً كل الحرص على أن يكون ابنه من حفظة كتاب الله الكريم. فحفظ الابن للقرآن الكريم يكون دافعاً له إن شاء الله على طاعة الله واستقامته وأيضاً على الوالدين الدور الأهم في جعل الابن يحفظ القرآن، كما قلنا من قبل فالتحفيز مهم، إضافة إلى الدعاء لهم بأن ييسر الله عليهم الحفظ ويجعله في موازين أعمالهم وأن يكون الوالدان متابعين لحفظ أولادهما ومشجعين لهم، هذا ما أراه إن شاء الله دافعاً وسبباً من أسباب انتظام طلبة العلم في حلقات تحفيظ القرآن، ولا أنسى دور التنظيم من قبل المعلمين في الحلقات فله الدور والأثر البالغ.
القدوة الحسنة
ويرى الشيخ القحطاني أن القدوة الحسنة من أسباب التزام الطلبة بالآداب العامة.. فيقول:
- المعلم والأب قدوتان للطالب، ففي المدرسة يكون المعلم قدوة لطلابه، وفي المنزل أو البيت يكون الأب والأم قدوة له، حيث يحاول الطالب تقليدهما في التصرفات، فيجب علينا أن نحرص على أبنائنا وأن نقدم لهم القدوة الحسنة الصالحة، وهناك أيضاً الصديق، فيجب أن يكون صديق ورفيق الابن حسن الأخلاق، لأن الصديق كثيراً ما يكون صورة لمن يجالسه، فيجب علينا الحرص على أبنائنا ومعرفة ما يخالطون ومع من يذهبون ويقضون أوقاتهم.
تفوق
كما تحدث فضيلة الشيخ مشعل علي الخطاف رئيس هيئة أم الحمام والمعذرعن الأسباب وراء انتظام الطلبة في حلقات تحفيظ القرآن دون سواها فقال:
- الأسباب كثيرة فمنها الشرعية كاحتساب الأجر في حفظ القرآن، فيربى الطالب على حفظ القرآن وأنه في حفظه للقرآن سوف يحصل على الأجر العظيم بإذن الله، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول لقارئ القرآن اقرأ ورتل كما كنت ترتل فإن درجتك في آخر آية تقرؤها. فالعلماء قالوا: إن هذه المنزلة تكون لحافظ القرآن، حيث تكون على قدر حفظه، وهناك أسباب أخرى منها تشجيع ولي الأمر لابنه وحثّه على الحفظ وذلك بتقديم الحوافز سواء كانت مادية أو معنوية، ومن التحفيز له أيضاً متابعته وحثه باستمرار على الحفظ.
كما أن العمل إذا كان خالصاً لله عزَّ وجلّ فجزاؤه القبول من الله، فالإخلاص في العمل شرط في قبوله من الله، فيجب على كل مسلم إخلاص عمله لوجه الله، فالمعلم يخلص في عمله ومع طلابه في تدريسه لطلابه ويبتغي بذلك وجه الله، وهذا الكلام خاص لطالب العلم وعام لجميع الأمة لمن يحتسب الأجر والمثوبة من الله عزَّ وجلّ.
و كلما كان المتربي متعلقاً بالله عزَّ وجلّ كان الله معه في كل خطوة يخطوها، وكان الله ميسراً له أموره إن شاء الله، فعندما يتعلق المتربي بالله ويراقب الله في سره وفي علانيته، يكون ذلك دافعاً له للاستقامة والانضباط ومراعاة الله في كل صغيرة وكبيرة.
كما تحدث الدكتور ناصر الصمعاني، المشرف التربوي بوزارة التربية والتعليم عن أهمية النية الحسنة فقال:
- إن العمل لله وأن القرآن فيه أجر لمن يتابع الحفظ ويحفظ القرآن وهذا الدافع الحقيقي وراء ذلك، فالأجر والمثوبة من الله وابتغاء ما عنده دافع وراء انتظام الطلاب في الحلقات ولا أنسى دور المربي وهو الأب في جعل ابنه يقبل على حفظ القرآن والتوضيح له أنه في حفظه للقرآن الأجر العظيم بإذن الله تعالى، وأنه يحفظه من كل شر وأيضاً لا يفوتني دور الوالدين في تشجيع الابن مادياً مثلاً باعطائه جوائز ومكافأة كلما حفظ وتفوق في حفظه، فهذا دافع كبير له وخاصة إذا كان الابن في سن صغيرة فهو يتوق إلى التشجيع والتكريم من قبل الوالدين والمعلم أيضاً له دور في تشجيع الطالب وتبيين أهمية حفظ القرآن الكريم له.
وإذا لم يراقب الإنسان الله في كل عمل يقوم به ولم يخلص العمل فسوف يكون عمله أجوف أي ناقصاً فيجب على كل مسلم مراعاة هذا الجانب وإخلاص العمل لله ومراقبة ومحاسبة النفس عند كل تقصير، فكل عمل يجب أن يستحضر النية وأن تكون نيته في كل عمل يقوم به خالصة لوجه الله سبحانه وتعالى.
ويرى الدكتور الصمعاني أن القدوة الحسنة من أسباب التزام الطلبة بالآداب العامة فيقول:
- عندما يكون المربي قدوة لأبنائه يكون الأبناء مثل مربيهم ويتوجهون إلى الطريق الصواب والطريق الصحيح، فيجب على المربي أن يكون قدوة لأبنائه وأن يحرص كل الحرص على ذلك، لأن الأبناء دائماً يلاحظون الأخطاء التي تقع من المربي سواء صغيرة أو كبيرة فيحاولون تقليدها، لذلك يجب علينا أن نكون قدوة حسنة في تصرفاتنا وفي كل ما نقوم به وأن نراقب الله عزَّ وجلّ في جميع أمور ديننا ودنيانا.
ويضيف الدكتور الصمعاني:
- إن الإنسان دائماً يسأل الله أن يخلص له النية ويرزقه الإخلاص والعمل لله ودائماً في أي عمل تعمله سواء داخل البيت أو خارجه في الأسواق وغيرها، يجب أن تخلص النية لله سبحانه وتعالى ويكون مقصدك الأجر وليس لأمور دنيوية، نعم نحن نسعى لأمور دنيوية لا تمنع لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "أعقلها وتوكل"، فلا شك إذا أخلصت النية لله سبحانه وتعالى وعملت بالتدريس وكسبت أجراً فإذا أخلصت النية طرح الله سبحانه البركة في عملك وأصبح لجهدك ثمرة ترسخ في أذهان طلابك، أما على النقيض إذا أصبحت نيتك سيئة فتأكد أن عملك سيصبح أجوف بمعنى مظهر خارجي، أي ليس له فائدة وتنزع منه البركة.
وأشار الدكتور الصمعاني إلى أنه فيما يتعلق بتفوق المتربي، فإن المتربي يعتمد على وجود قدوة حسنة من المربي، حيث نجد في بعض الحالات يتفوق المتربي على المربي تفوقاً يكون مرهوناً بالمربي نفسه، فقد يجد طالب من الطلاب قدوة حسنة في المربي لكن في نفس الوقت لا توجد حيوية جيدة ولا نشاط بارز لهذا المربي، لكن يوجد لهذا الطالب الحيوية والنشاط فيأخذ القدوة الحسنة من مربيه ولكنه يتفوق عليه هذا الطالب لوجود الحيوية والنشاط وذلك حسب تفعيل هذه الخاصية للمتربي.
رغبة الأبناء
كما تحدث أيضاً الشيخ عبدالعزيز العتيق أستاذ العلوم الشرعية عن أهمية وجود الرغبة لدى الأبناء في حفظ القرآن فيقول:
السبب الرئيسي هو رغبة الأبناء في حفظ القرآن الكريم، فكلما كان لدى الأبناء الرغبة الصادقة في حفظ القرآن كان الحفظ ميسراً بإذن الله تعالى. كما أن البيئة التي يعيش فيها الابن والطالب، كلما كانت البيئة بيئة تعليمية وبيئة مهتمة بحفظ القرآن، كانت دافعاً للطالب للإنجاز ومواصلة تميزه وتفوقه، فالبيئة تؤثر في المتعلم سواء كانت سلباً أو إيجاباً، فالطالب عندما يجد كل من حوله مهتمين بالقرآن ويحفظون القرآن كان ذلك دافعاً له للحفظ والمنافسة، فالمنافسة تصنع التفوق والتفوق دافع للإنجاز والتميز، فالبيئة - كما تطرقت - تؤثر في نفس الطالب، ولذلك يجب على ولي الأمر تهيئة الجو المناسب لابنه من أجل تعلمه وحفظه للقرآن الكريم وعندما يكون المتربي متعلقاً بالله عزَّ وجلّ فسوف يكون ذلك دافعاً له بإذن الله إلى التفوق والنجاح في حياته، فالتعلق بالله يلزم من المتربي الخوف من الله ومراقبة الله وضبط النفس والاستقامة، فكلما كان المتربي متعلقاً بالله ومراعيه في كل تصرفاته كان ذلك دافعاً له للاستقامة والصلاح.