لقد تبنَّى كثير من المُتعصبين في العالم العربي الدَّعوةَ إلى العلمانية، لا بمفهوم التَّخلص من سُلطة رجال الدين، ولكن بمعنى التَّخلص من الدين نفسه، وبدؤوا يخلعون على الإسلام ما خلعته أوروبا على الكنيسة في العُصُور الوسطى، دون أنْ يفطنوا إلى الفرق بين حقيقة الإسلام وموقف الكنيسة، وصاروا يسمُّونه: "التنوير"، وفى المُقابل يصفون رجل الدين عندئذ بالتَّخلُّف والرجعية، ويجعلون الدِّين أو التدين مرحلة تاريخية انتهى زمانها، ولكي نتقدَّم إلى الأمام فلا بُدَّ أن نسلك مسلك الغرب، وقد يكون الأمر سهلاً لو أنَّهم سلكوا طريق الغرب في الأخذ بأسباب العلم كمنهج للحياة، فإنَّ ذلك مطلب شرعي، لكنَّهم يدْعُون المجتمعات الإسلامية إلى الإباحيَّة باسم الحرية الشخصية، وإلى الإلحاد والتنكير للأaديان باسم التنوير، وإلى التَّمرُّد على النصوص المقدسة كتابًا أو سُنة باسم تحرير العقل وحرية التفكير، وكم ضيَّع المسلمون من موارثيهم ومقدساتهم تحت هذه الشعارات الزائفة!