حاولت في غباء أن أفرغ في محصلة الطائر الصغير القابع في قفصه
بعض ما ألفت و أعتدت عليه من خمول و اتكالية
فلقنني درسا قاسيا في أصول التربية
شعرت معه أنه الأكثر إدراكا لتبعات الحياة و الأكبر عصامية وشحذا للهمة
الحكاية و ما فيها أن بائع الطيور أعطى لي لفافه ليفية صغيرة
و طلب مني ركنها داخل القفص
ليتولى الطائر بنفسه نقلها خيطا خيطا إلى حيث يستقر
و لأني جبلت كإنسان على الكسل و الإسترخاء و مد الساقين
وقد اعتدت أن يسعى إلي غذائي و كسائي أن لا أسعى إليه
فقد أحللت اللفافة إلى حيث يرجن الطير و يبيض
و في اعتقادي أنني أسديت إليه معروفا إذ وفرت عليه جهد الجمع و عناء النقل
و لشدت ما كانت دهشتي طاغية
و أنا أتطلع إليه ينبش ماجمعت ثم يلقي به خيطا خيطا على أرضية القفص
و لسان حاله يقول :
بيدي لا بيدك
و قفت بعيدا عنه لبضع وقت ثم عدت إليه استكشف الأمر من جديد
و أتساءل مع نفسي لماذا كل هذا الرفض ؟.
و كانت دهشتي أيضا هذه المرة كبيرة و طاغية
فلقد أعاد الطير شتات الخيوط المبعثرة
جمعها بنى منها عشا متناسقا جميلا
لاذ إليه في نشوة و هدوء
ولسان حاله للمرة الثانية يقول :

* ماحك جلدك مثل ظفرك
فتول أنت جميع أمرك *


كل يوم يمر عليك
لا بد أن تعلمك الدنيا شيئا
و لا يهم أن نتعلم من ذو عقل فقط
فقد نتعلم من الطيور كما هنا
أو حيوان
أو كما قيل
خذو الحكمة من أفواه المجانين



تحياتي