ليست هذه هي الليلة الأولى التي أشعر فيها بالشوق إليك .. فلطالما داعبني ذلك .. خصوصاً في الآونة الأخيرة ... غير أنني كنت في كل مرة اعتصر ألام المكابرة ممنياً النفس بوقت أكثر أمانا ، وأشد شوقاً .. ولا تسأليني أرجوك عما يداعب قلبي هذه الأيام ، ليس لأنني أعني أن مافيها قد لايسرك أو لأنه لم يعد على العهد القديم بل لأنني لا أريد لك بدورك بعض الألم إذ ربما جرفك واقعه إلى ذكريات كانت ولاتزال أعذب من الروح الفتية المتوهجة بالشباب الغض . والمتألقة بالحب الغير محدود ..
صدقيني : لازال قلبي ينبض بتلك اللحظات الرائعة التي عشتها معك وكنت أعدها – كما حدثتك دائماً – من أجمل ما حصدته في عمري .. كثيرون هم الذين يذكرونني بأن عدد الشعرات البيضاء في قمة بدني أصبحت تتكاثر بشكل عجيب ولعلهم أحياناً يجيبون أنفسهم بأن الهموم ولاشك أخذة مني ما أخذت من غيري .. وقليلون هم الذين يدركون أن هذه التغيرات لا مساس لها بما في داخلي من قلب متجدد وروح متمردة لا يسكتها سوى الحب ، ولا يأتلق فيها سوى الأمل بعودة المستحيل .. وأحسبك فهمت ما أقصد ..
البارحة كانت لدي فرصة عظيمة لأجدد العهد برسائلك القديمة القابعة في أحد الأدراج وأظنني نسيت أين توجد بالضبط .. تأملت صورتك الوحيدة في خاطري ..وعصفت المشاعر بكياني في لحظة لم تكن ضعفاً بقدر ما كانت وفاء من نوع أعرفه جيداً .. وتسحقينه أكثر منه .. لا أدر في وسط ذلك كله كنت أبحث عن إجابة لسؤالك الخالد الذي طالما كررته على مسامعي: " أتعتقد أن القدر سيجمعنا يوماً بعد كل هذه السنين؟؟ .. ولأنني لم أكن أملك أية إجابة فقد كنت أبقى صامتاً على الدوام .. فقد كان يؤلمني أن أعجز عن الإجابة على أي من تساؤلاتك .. وأذكر أنه في مرة واحدة فقط قلت لك أنني شاهدت مرة في أحد الأفلام ما قاله البطل :" حتى لو لم يكتب لنا اللقاء فما دمنا نفكر ببعضنا فنحن نلتقي " : وأذكر كم أعجبتك الإجابة .. وصرت ترددينها في كل خاطرة لك عني .
ما بك اليوم صامتة حزينة ؟! .. تنصتين و لا تعلقين .. وتنظرين بعينين خاويتين إلا من الألم ؟! .. أين تلك الروح الوثابة بالشغف والتجدد ؟! .. أين تلك الروح المتطرفة مرحاً وحبوراً .. والمتجددة ألقاً وسروراً ..؟! .. أرأيت كم تغيرنا الأيام ؟ وكم تعبث بنا السنون !! .. حاولت كثيراً أن أحذرك ولكنك على الدوام كنت تصفينني المتشائم ! ..
تقول عيناك أن لا تريدين مواصلة سماعي .. لربما أوافقك .. ولكن عديني بالعودة في أقرب الوقت .. أرجوك قبل ذلك أن تتذكري أننا يجب أن ننهض منهما حدث .. وصدقيني يقتلني أن تتعثري أنت بالذات .. لأنك كفنار بحرنا الوقور .. ولأن إحساسي بالأمان في عثرتي هو لأنك لم تتعثري بعد ..
لك خالص حبي .