من (واطسو) إلى (ماسلو)
وروعة (المدرسة المحمدية)..
د/ خاطر الشافعي..
مما لا شك فيه، أن الأممَ ترقى بقدر ما توفر من رعاية وطُرق سوية لتعزيز المهارات وتشكيل الذهن، بالنسبة لذخيرة مستقبلها، وعدتها وعتادها، الذين هم أطفال اليوم، ورجال المستقبل.
ولا عجب إن نظَرْنا حولنا، ووجدنا أن ما حققه غيرنا من الأمم من تقدم، ما هو إلا إدراكها لأهمية طرق التربية بالنسبة لأطفالها؛ فالقضية ليست بناءَ جسدٍ قوي فقط، ولكن الأهم هو ما يحمله هذا الجسد من عقل، يُبدع ويضيف إلى محصلة المعارف الإنسانية، التي بها تسمو الأمم وترتقي، في عالمٍ أضحى صغيرًا جدًّا.
وإذا كان (واطسو) أحد زعماء المدرسة السلوكية يقول: "إن سنوات الطفل الأولى قبل الخامسة هي التي تحدِّد قوَّةَ شخصيته"، وإذا كان (ماسلو) أحد زعماء علم النفس الإنساني قد وضع الترتيب الهرمي للاحتياجات؛ (نظرية هرم الاحتياجات الإنسانية)، وأوضح أن كل الاحتياجات الأساسية هي غريزية, مشابهة للغريزة عندالحيوان - فالإنسان تحرِّكه غرائزه بشكل بسيط وطبيعي، ثم يتطور بشكل كبير معنموِّه، ويؤكد أن البيئة إذا ما كانت مثالية نسبيًّا، فإن الإنسان ينمو بشكلجميل، ويتصرف بصدق واستقامة، ويكون نموُّه الجسدي مكتملًا, فإن (المدرسة المحمدية) تبقى أرقى المدارس؛ إذ إنها خير وسيلة لتهذيب السلوك، ونمو الشخصية، باتساقٍ يتفق وكلَّ معايير الجودة على مرِّ الأزمان؛ إذ المعلم هنا هو خيرُ البشر، المصطفى والمُجتبى - صلى الله عليه وسلَّم.
مِن المُدهش أن كل جديد تأتي به الأيام، وكل فكرة ونسق واتساق ومنهج سوي يَتوصَّل إليه أيُّ عالم، ما هو إلا شرح بطريقة عمليَّة لما أتى به القرآن الكريم، وما دلنا إليه سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلَّم - الذي اهتم بالطفل أيما اهتمام، حتى من قبل ولادته، بضرورة اختيار الأم الصالحة والأب الصالح، حتى يكون ميلادُه في جوٍّ صالح للتربية السليمة، التي تضمن نموًّا صحيًّا؛ نفسيًّا وجسديًّا.
ينبغي أن نعطي لأولادنا من الوقت والجهد ما يكفي لاحتوائهم، في ظل عالَمٍ اختلط فيه الحابل بالنابل، وأضحى القابض على دينِه كالقابضِ على الجمرِ.
ينبغي أن تتحوَّل بيوتُنا إلى (بيئات صالحة لاكتساب المهارات الإيجابية)، أو بمعنى أدق: (بيئات صالحة للتعلم)، فلا نهمل استفسارات أطفالنا مهما بدت لنا تافهةً؛ إذ إنها بالنسبة لهم مثيرة جدًّا، وردود أفعالنا تجاههم هي ما ينمِّي مهاراتهم، ويشكِّل أذهانهم، ويوسِّع مداركَهم.
ينبغي ألا تنحصرَ نظرتُنا إليهم في نطاق (الطفل)، بل يجب أن نفطن إلى ذاك (العقل) المُتّقد الذي يُلحُّ عليهم باستفسارات وتساؤلات، لا تخطر لنا على بال، وقد يسبق الطفلُ من هو أكبر منه في (العمر العقلي)، وقد فطنت إلى ذلك شركاتٌ يابانية كثيرة، فاستثمرت (العقل) بما يناسبُه من (عمل).
إن بين أيدينا القرآنَ الكريم، والسنَّة الطاهرة، التي أرشدتنا إلى أفضلِ الطُّرق لتربية أطفالنا نفسيًّا وجسديًّا، بما يضمن لهم نموًّا صحيًّا؛ فالحمد لله الذي جعَلَنا مسلمين، والصلاةُ والسلام على خير المرسلين سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه ومن تبِعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.
منقول من شبكة الألوكة..