وحين تأهبت فاطمة للعودة رمقها علي بنظرة فاترة, أحست بنفاذها إلى سريرتها ليلمس خوفها من طول غياب يذهب بها لغيره, عندها إبتسم وقال: فاطمة؟ سا افعل كل شىء, لإدراك ما ارجوه, وإن لم أتمكن فتداركي أنتِ ذهاب العمر.
وفي الصباح الباكر سلك علي طرف الطريق التي تأخذه بعيداً عن قريته, وأهله وأصحابه, مكدراً تتقاسمه الهموم والأشجان, لكن نفسه الأبيَّة حوّلت ذلك الإنكسار إلى بصيرة تضىء له الدرب وتهمس في أذنيه بضرورة مايفعل.
ولما إبتعد قليلاً لمح ذلك الرجل الذي كلفه عمه بقتله يتسلل على خيله مراقباً يتحين الفرصة لإطلاق رصاصة الموت الخائنة لقلب عليٍ او رأسه. وحين اطلقها كادت أن تفعل لولا أن علياً تحول إلى طريق أخرى لما رأى الرجل قد كف عن السير بمحاذاته لكنه عاد من طريق ثالثة لينقض على الرجل ويستأسره في طرفة عين ويعرف خبره. وماكان من عمه فيمسك به من كتفيه, ويهزه قائلاً :أتجني المال بغدروتزهق نفس بريئة ياهذا؟ فيقول الرجل هدراً :إن لم أفعل لقطع رزقي و.و.. فيهبه عليٌ الحياة من جديد. ثم راح يسابق الريح من بعد للوصول إلى بلد وفير الرزق ليبدأ اول الخطوات بإنظمامه إلى واحد من تجار العقار كمساعد فكان نبيهاً صادقاً يولي عمله جداً ومثابرة, ولما حانت له الفرصة بعد ثلاث سنين ليستقلَّ بنفسه كان ماهراً في اقتناصها, ليشتغل بشؤونه ويكوّن ثروة تشمل أراضٍ واسعة ومبانٍ تدر له المال من كل صوب, وليكون بعد سبع سنين من أكبر تجار ذلك البلد.
كان عليٌ قد قرر العودة إلى الدياربعد ضمان إستمرار اعماله في غيابه, من قبل مساعده, لكنه أجل ذلك لأيام ليتسنى له شراء أرض في بلدة أخرى عرضت عليه فرغب بشرائها ممايتطلب السفر لتلك البلدة لإنهاء نقل ملكيتها إليه. سافر عليٌ ومساعده حتى وصلا البلدة لينزلا بدار الرجل صاحب الأرض فيتفاجأ علي بوجود الأخ الأكبر لفاطمة حبيته الذي إستقبلهما مندهشاً لما رأى علياً ليحتضنه عليٌ قائلاً:
احمد ؟مالذي أتى بك إلى هنا!!؟ فيبتسم احمد ويجلسهما ثم يتحدثان عن القرية وحال اهلها بإسهاب.. عليٌ يسأل واحمد يجيب والضحكات تتعالى في جو عائلي سارّ وبهيج, حتى إنتهيا إلى الحديث عن الأرض التي قدم علي لشرائها, ليقول احمد:
إنها ملك لفاطمة أختي, فقد توفى زوجها منذ ثلاثة اعوام وكان يرحمه الله من اكبر ملاك الأرض هنا وقد عرضت هي هذه الأرض للبيع لتستكمل بناءً بقريتنا كان قد بدأ بإنشائه زوجها كمشروع سأديره أنا بعد إكتماله...حينها تنهد عليٌ مقاطعاً لحديث احمد قائلاً: هل تأخرت؟؟
قلم /عبدالله الجوي
ترقبوا القادم من زمن التراب الاحمر