فتنحنح علي لإبعاد تفكير أحمد عما أهمه وخامر تفكيره من إنزعاج إثر هذا الخبر ليسأل : احمد؟ أي مشروع؟ وأين ؟ ليتفاجأ بثانية الأثافي على لسان احمد حين رد: مشروع تجاري على قطعة ارض ابتاعها زوج فاطمة من عمك... تلك.. التي.. على الطريق... ليصف موقعها لعليٍ واذا بها ارض تعود لأبيه, فيقول عليٌ آسفاً: كانت سبع سنين كافية لأخسر الكثير..
ودت فاطمة وهي تقف بإحدى الغرف المجاورة لو انها تتوارى بين احد جدرانها الذي تلتصق به وهي تنصت لحديثهما,واضعة يدها المرتجفة على صدرها تطرف بعينين فزعتين وكأنهما برأس غزال قد اعياه فرار, او روَّعه الحصار,تماسكت لتحتوي انفاسها الشاردة ثم تقدمت إلى باب الغرفة المشرف على مكان الظيافة, لتفتحه قليلاً وتنادي بصوت منخفض:احمد؟ يستأذن احمد ليجيب...
يسأل مستفهماً صاحب عليٍ بعد ان رأى علامات الدهشة وعدم الرضى على وجهه: مالذي يحدث؟ فيجيبه عليٌ بما يجعله اكثر دهشة:صاحبة هذه الدار ياصديقي لم تكتف بإخلالها الوعد بل تجاوزته لإمتلاك جزء من ارضي بغيابي.. واردف وكأنه يحدث نفسه: لاشىء سيرأب الصدع الذي صنعته يافاطمة!!
بعد لحظات عاد احمد ومعه اوراق تثبت صحة المبايعة بالأرض لزوج فاطمة التي اوصته ان يقول لعليٍ ان الأرض ملك لإبنيها, من بعد والدهم, وذلك المشروع سيخدم اهل القرية, وأن هذا المشروع سيمكن فاطمة من العودة لقريتها وأهلها..و..و.. حيئذ قام علي مودعاً وهو يقول: باتت العودة للقرية مقدمة على كل عمل, إسمع اخي احمد؟ هذا البيع باطل, تعلمون ان هذه القطعة من الأرض هي ملك لأبي, وليس لعمي حق في التصرف فيها بالبيع, وليس شأني ما سينجزه هذا المشروع, فقام احمد وقال: لديكم الكثير من الأرض وإنما هي قطعة واحدة...يقاطعه عليٌ: اخي احمد مشروعكم على ارضي بالذات والأفضل ان توقفوا كل شيء, لن اسمح لأحد بالتصرف في حقي من الأرض, ساسافر من الغد إلى القرية, وابدأ بمقاضاة عمي في ذلك, ولدي الكثيرمن الإثباتات لإنتزاع كل ما املك, من ارض ومن بينها هذه الأرض ولكم عند هذا المطالبة بما دفعتم من مال ممن أخذه...
وصل عليٌ إلى اطراف قريته, تستقبله هبات الرياح المعتادة من ناحية الغرب تحمل معها الأغبرة التي تتصاعد لتملأ الأفق, لكنها مالبثت ان أتت رياح معاكسة تحمل معها نسمات الأودية لتنذر بمطر قادم فيتعجل عليٌ السير, حتى يصل البيت الذي ألف تفاصيله فتستقبله امه بالآهات والدموع......