هل نافعي عند البلاء بكاء = إلا التصبر والخطوب قضاءُ
حاولت كتم مصيبتي فتنوعت = عبر الزمان مصائب وبلاء
والصبر للإنسان خير مطية = إن جل خطبٌ أو دهت بأساء
والمرء إن جاءت له سكراته = عجز الطبيب وما شفاه دواء
وقف الجميع عيونهم مشدودة = والهم في قلبي له بُرَحَاءُ
قرب الرحيل فيا نفوس تصبري = وتجلدوا يا أيها الأبناء
أبتاه – والجرح العميق – يهزني = وتذوب من ألم له الأحشاء
هل تشرق الأيام لست تضيؤها = فضياؤها – رغم السنا- ظلماء
قد كنت بالصبر العظيم تحثنا = وتعيننا إن مست الضراء
واليوم حين يمس إخواني الأسى = وتلم فينا محنة بلواء
من يا ترى فينا يضمد جرحنا = أنت المفارق حسبنا أعباء
إني لأذكر والحياة تظلنا = ويضمنا بيت له أرجاء
كم كنت تبهجنا وتذهب كربنا = بحكاية يصغي لها الأبناء
وتنير بالقول الحكيم دروبنا = في الدرب نمضي همنا العلياء
قد عشت في درب الحياة مكافحاً = وحياة يومك مسجد ودعاء
ترجو النجاة وكل سعدك أن ترى = أبناء بيتك كلهم سعداء
ورفعت صوت الحق فوق مآذنٍ = عشرين عاماً والأذان نداء
في كل فجر قد أتيت مذكراً = ومربياً حتى يقوم بناء
قوموا بنَّي إلى الصلاة فإنها = درب الهدى والصالحات ضياء
وزرعت بالحب الجميل قلوبنا = قد قام للغرس العظيم نماء
وزرعت في كل القلوب محبة = هذا الثناء من الجميع عزاء
قد كان وجهك باسماً في يومه = وجمال ثغرك دائماً وضاء
ولقد مضيت وما اكتسبت أذية = كلا ولا قامت لك الخصماء
وبفضل ربي ما ارتضيت دنيئة = وبحسن ذكرك حدَّث الأحياء
يا حسن أيام مضت بجمالها = الكل حولك إخوة وصفاء
ما إن رحلت عن الديار تبدلت = فكأننا في دارنا غرباء
وأعاود النظرات أرقب مؤنساً = فإذا الديار كسيرة وخلاء
كيف السلو وكل ناحية بها = ذكرى لها في خاطري أصداء
كم دمعة جاهدتها وسترتها = صعب لها عند الأسى الإخفاء
وكتمت آلام الفراق تغصني = حرق لها بين الجوى رمضاء
في كل قلب قد تركت مرارة = عظم المصاب فما لهنَّ شفاء
بالأمس كأس الموت جرعنا الأسى = ناراً تغص وما لها إطفاء
فكتمت في جنبينك لوعة حاسرٍ = وصبرت حتى هدَّك الإعباء
لم تمهل الأيام موضع جرحنا = حتى سرت في موتك الأنباء
حسب المنايا أن تكون فجيعة = بتفرق يمضي له الآباء
وأساس بنيان الحياة أبوة = وبفقدها تتأثر الأجزاء
أأبا الفضائل والمكارم والدي = يا حسن وجه ماله أكفاء
نفسي بحبك إذ رحلت كأنما = نفسي دفنت فما يطيب هناء
لو أن هذا الأمر يقبل فدية = نفسي لكمْ عند الممات فداء
لكنها الآجال موعدنا الذي = تفنى وتعجز عنده الأشياء
أسفي على تقصيرنا في بركم = متطلبي يوم اللقا إعفاء
فضل الأبوة ما تعد خصاله = مهما بذلت فما له إسداء
قد كنت أعجز أن أقول قصيدة = حتى دهتني بلوة شعواء
فنظمت بالقول الحزين سطورها = أبياتها – رغم القصور- وفاء
أبتاه إن عز اللقاء ففي غدٍ = سيطيب في دار السلام لقاء
سألملم الحسرات أكتم جرحها = نفسي لها الصبر الجميل رداء
وأمد كفى للإله بدعوة = ما حل صبح أو تلاه مساء
وأسائل الرحمن مغفرة لكم = وثواب ربي ماله إحصاء
إيماننا بالله يدعم صبرنا = وبدونه تتحطم الأعضاء
وعزاؤنا عند المصيبة أننا = نحو المصير إلى المآل سواء
عجباً لقلبي كيف يلهو عابثاً = والموت حق ماله إقصاء
يا غافلا والموت يطرق بابه = ما للحياة إذا عقلت بقاء
فتزودوا يا راحلون فإنها = أيام عمر ما لهنَّ قضاء
عبد العزيز محمد علي نجمي 28/10/1415هـ