عندما رأيته مبتعداً عن الأطفال في القرية...
أحسست من داخلي شئ يحركني إليه..
طفل بائس بكل ماتعنيه هذه الكلمة من معانٍ مؤلمة...
عمره اقل من خمس سنوات...
الجوع ..والتعب...اجتمعا في محياه...فكونا قصّة حزينة أسميها (جسد)....لم يعد فيه مايدل على برائة من هم في سنه..
***************************
كان مستنداً على جدار الجامع_ بالقرية_ وكأنه يخشى على ذلك الجسد المتهالك من السقوط....
ملابسه..لم تكن تدلّ على ان هذاالطفل البائس...قد حاول ان يختار مايلبسه في يوم ما....فقد اعتاد ان يختار الدهر له مافضل عن حاجة الناس....
**************************
_ ياولد ايش اسمك..
قال بصوت متهدج ..ولكنة يمنية...
_عبده جبران...
_انت ابوك الي صلى معانا الظهر..يعني احمد ......... عمك...
قال بحزن_ يه..
قلت له بسؤال مصطنعاً ابتسامة علّها تزيح من كآبته الدائمة...
_ومالك ماتلعب من امجهويل كورة..
قال...وكما قال حسن ابوطالب...
قالت وليت مقالها لم يأتني أوليتني ياصاحبي لم أسمعي...
قال وكان يكابر حنقة خنقت صوته وهو يخادعها بتبسمٍ
_مقدرتوش امشي عادك تشاني العب ..ذحين عادنا وصّالين من اليمن...
************************************
عندها لاأدري لماذا احسست ان شيئاً في أعماقي يبكي...
نعم يبكي ..وبكل حزن عرفه التاريخ...
....ثم تجاوبت عيني مع ذلك النداء الوجداني ..
فأحسست أن دمعةً تتهادى على خدي......
فأشحت بوجهي عنه....
عندها...اعتصر ذهني اليمن...وراح يسبح في اجوائه الحزينه والمؤلمة معاً...
اليمن بكل حروبه ..وصراعاته الداخليه وكل معارك الدولتين السابقتين...
الجوع...الخوف..الألم ..الحزن...
والمؤتمر الاخير_للدول المانحة لليمن الذي انعقد بباريس.....و.....
وعبده جبران...
********************************
عندما عدت للمنزل وضحكت مع أهلي ....علمت أنني لست الذي بكى...
وإنما الإنسانيّة في داخلي...على الإنسان المكسور أمامها....