هُنا مَطايا الفكرِ فاضتْ هُدى
واستلهمتْ من كُلِّ رَوضٍ نَدى
هُنا أهازيجُ المَدى رَفرفتْ
فأشعلتْ فينا هَوىً مُزبدا
وانداحَ في عُمْقِ الصَحاري سَناً
يَزيحُ عنها ليلَها الأسودا
تَقاطرَ النورُ خُيولاً لَها
ضَبْحٌ يهزُّ الصخرَ والجَلمدا
هذي المسافاتُ استحالتْ رُبىً
خُضْرا،وقد كانت رُبىً هُمّدا
شَمالُها سَيفٌ صَقيلٌ وفي
جَنوبِها تبدو شِفارُ الـمُدى
تصطفُّ أعناقُ الضُحى دُونها
تسترخِصُ الأنفُسَ والأكبُدا
تنثالُ في سمعِ المنايا مُنىً
جذلى،لها في كُلِّ قُطرٍ صَدى
ذاب الزمانُ الحُرُّ مِنْ أجلِها
وصار يستعذِبُ طعمَ الرَدى
كمْ أومأَ التأريخُ،راياتُهُ
خفّاقةٌ تُلامِسُ الفرقدا
كمْ أتهمَ الفرسانُ،كمْ أنجدُوا
ما خابَ مَنْ أتهمَ أو أنجدا
أرواحُهمْ زَخّاتُ غَيمٍ همى
أحلامُهمْ قد ضاق عنها المَدى
تَمّخضّتْ عنهمْ قِلاعُ العُلا
وأنجبتْ آمالُهمْ سُؤددا
قد صنعوا النصرَ بأيديهمُ
وأصلحوا ما الدهرُ قدْ أفسدا
ما أبرموا للمجدِ مِنْ مَوعِدٍ
إلا وحاكوا بعدهُ مَوعِدا
يستنبتون الرَملَ،أعراسُهمْ
يومُ الوغى،الكلُّ كبشُ الفِدا
عاشوا كروحِ النخلِ،غاياتُهم
اُستنفِرتْ مِنْ قبلِ أنْ تُولَدا
صَاغوا مِن الإقدامِ كُحْلاً،ومنْ
هَمْسِ السُرى صَاغوا لَنا مِرودا
هُمْ نهلوا وَحيَ العَشايا ندىً
ما أعذبَ المنهلَ والمورِدا
حاضرهمْ يزهو بأعطافهمْ
ما زهواً،وهم يستشرفون الغدا
ما أبرقتْ في الأفقِ أمجادُهمْ
إلاّ وصوتٌ منهمُ أرعدا
يا موكِبَ الحرفِ فؤادي به
جُرحٌ يكادُ الجُرحُ أنْ يُوقَدا
تلك الحِكاياتُ التي ما امحتْ
يوماً،أضعناها فضِعنا سُدى
جازان ـ20/2/1428هـ