ما دار في خلدي أني سأهواها=حتى روى قلبيَ الصادي محياها
خود هي الشمس في إبان طلعتها=إذا أطلت و عين الله ترعاها
ما جاوزت عقدها الثاني و لا نثرت=يد الزمان غباراً في مراياها
تميس في حلة الحسن التي نسجت=خيوطها صنعة الرحمن مولاها
كأنها لم تجئ إلا لتُثكلني=روحي التي بين أضلاعي و تنعاها
مضى بنا الوقت يجري مسرعاً و أنا=لا هم لي غير أن أحظى برؤياها
و انفض مجلسنا من بعد نشوتنا=و بدد اليأس أحلاماً بنيناها
و عاد كل إلى ما كان يألفه=و عدت أبحث عن قلبي الذي تاها
يا صاحبيَّ أما والله إن لها=سحراً و مصدر ذاك السحر عيناها
فلا تلوما أخا عشقٍ بربكما=و لا تزيدا على آهاته آها
و خلياني لأوجاعي و مَوجِدتي=على التي لا أراني قط أنساها
قالا ستأتيك من راقتك حين بدت=كالشمس في الحسن بل أحلى فتلقاها
فأجمل الصبر لا تشمت بنا أحداً=و علل النفس يا صاحي بلقياها
و أقبلت بعد يومٍ طال موقفه=و بعدما خِلت أني صرت ذكراها
فلا تسل حينها عن عاشقين و قد=تقاسما من ثمار الحب أشهاها
كأنما عجّل المولى نعيمهما=فبات مأواه في عدْنٍ و مأواها
يسامران من الأحلام أعذبها=و يعزفان من الألحان أشجاها
و يمخران عباب العشق في ولهٍ=ليبلغا من شواطي الحب أقصاها
إذا اشتكى ظمأً هبت لتسقيَه=من ثغرها قبلا ً ما كان أحلاها
و إن بكى فرَقاً من خوف فرقتها=حنت عليه و ما أبكاه أبكاها
و إن صبت نفسه للكأس أسكره=خمر الشفاه التي تشفي حُمياها
يخيم الليل إن أرخت ضفائرها=و يسفر الفجر إن لاحت ثناياها
و ترقص الأرض من إيقاع خطوتها=و ينتشي الروض إن جادته رياها
مليحة مثل غصن البان هام بها=قلبي و أمسى لعمري من ضحاياها
فما عليّ إذا عُلقتها عتب=و هْي التي ما عرفت الحب لولاها
شعر : عميد القوافي ( عبدالمطلب النجمي )