بسم الله الرحمن الرحيم
موضوعنا اليوم أدوات الكتابة في الماضي
لقد قرأنا في الكتب أن القدامى من البشر كتبوا على العظام وعلى الجلود وعلى أوراق الشجر مثل ورق شجرة البردي0و إباءنا وأجدادنا كتبوا على ألواح خشبية بعد إضافة بعض الإضافات0 ومن المؤكد أن البعض من كبار السن منا لا زال يتذكروا لوح امعلامة الذي كانوا يكتبون عليه أوالبعض كتبوا عليه دروسهم ويتذكرون مما يصنع ذلك اللوح ويتذكرون شكله ومما يصنع ويتذكرون أيضا المواد التي كانت تضاف له لتجهيزه للكتابة فيه وتجميله حتى يكون لونه جميلا ومناسبا لترتاح إليه النفس0ويذكرون ويتذكرون أدوات الكتابة مثل الأقلام التي كانوا يكتبون بها ومما تصنع وكيف تصنع الدواة (الحبر) الذي كانوا يكتبون به ومما يصنع وكيف يصنع0 عندما نتذكر نحن كبار السن تلك الأيام الخوالي وكيف كنا نعتمد على أنفسنا وعلى ما هو متوفر في بيئتنا من مواد في توفير ما نحتاج إليه في حياتنا0ونرى ما نحن فيه اليوم من النعيم وتوفر جميع الاحتياجات في السوق وتوفر المال لشرائها واعتمادنا على غيرنا فيما نحتاجه في جميع شؤون حياتنا0 الله يا لها من أيام ماضية وما لها من الحلاوة والمرارة في آن واحد0
الحلو في تلك الأيام أن الناس كانوا على الفطرة ونفوسهم طيبة ومعنوياتهم عالية جدا ويتصفون بالأمانة والصدق وحسن ودماثة الأخلاق والوفاء والإخلاص والتعاون والجد والاجتهاد وكانوا كادحين بكل ما تعنيه الكلمة0
والمر في تلك الأيام أن الناس كانت تنتشر بينهم الأمراض الفتاكة مثل الجدري والحصبة والسل والملا ريا وغيرها من الأمراض فتؤدي بحياة الكثير منهم وخاصة الأطفال وحتى المرأة إذا تعسرت ولادتها ماتت مع جنينها0الظاهر أن الذاكرة شطحت بي عن الموضوع قليلا0المعذرة نعود لموضعنا الذي نحن بصدده0
أولا:لوح الكتابة
كان في الماضي طلبة العلم يكتبون دروسهم على لوح من الخشب ارتفاعه50 سم تقريبا وعرضه35سم تقربا وكانوا يجهزون اللوح بأشياء من بيئتهم وإليكم يطلقون عليها إسم(تخضير اللوح) وطريقة تخضير وتجهيز اللوح للكتابة:
1- تصنع قطعة من الخشب المسطح متوسط السمك بمقاس 35x50سم تقريبا ثم ينعم سطح اللوح بحجر ناعم الملمس0
صورة مستوحاة للوح قبل الرماد0
2- يبلل سطح اللوح بالماء ثم يرش برما النار الفاتح الخالي من التراب والشوائب الأخرى ويترك حتى ينشف الماء والرماد ثم يمسح مسحا خفيفا بقطعة قماش أو براحة اليد الجافة حتى يزول الرماد الزائد0
صورة مستوحاة من الذاكرة للوح بعد الرماد:
3- يحضرون طفية متساوية الأطراف وكمية من ورق نبات العشر أو ورق نبات السقل أو ورق نبات العبب وتكون الأوراق خضراء تماما0
4- يثبتون الطفية على سطح اللوح بالعرض ويفركون على اللوح وطرفي الطفية بورق النبات الأخضر وفي اتجاه العرض حتى يخضر سطح اللوح الذي على جانبي الطفية ثم تحرك الطقية وتثبت على مسافة معينة ويعاد فرك الورق على جانبي الطفية وهكذا مع مراعاة أن تكون الحقول الخضراء متساوية العرض إما الحقول الرمادية فتحكمها في التساوي عرض الطفية وفي النهاية يصبح اللوح مقسم إلى حقول0حقول كبيرة خضراء للكتابة فيها ويفصل بينها حقول رمادية صغيرة هي مكان تثبيت الطفية والحقول الرمادية تكون عبارة عن الخط الذي يفصل بين سطري الكتابة على اللوح وهنا يكون اللوح جاهز للكتابة عليه0
صورة مستوحاة من الذاكرة للوح جاهز قبل الكتابة
صورة مستوحاة من الذاكرة للوح مكتوب فيه0
ثانيا:القلم
والآن نأتي إلى القلم والدواة(الحبر) وكيف كانوا يحصلون على أدوات الكتابة:
أولا القلم:كانوا الأولون يصنعون أقلام لكتابة من بيئتهم ومن النباتين التاليين بالتحديد:
1- كانوا يأخذون قصب القُصًيْب(نبات كان ينبت بالمنطقة) ويقطعون كعد(جزء) مناسب في الطول والجٌفِي(المتن)من قصبة الصيب ويحاسنوها(يقصوها) بالشفرة(السكين) الحادة على هيئة (شكل)قلم تماما0
2- إذا لم يجدوا نبات القصيب أخذوا كعد(جزء) من قصب الزعر(الذرة) اليابس القوي ويحاسنوه(ينحروه) بالشفرة الحادة حتى يصبح على هيئة القلم0
ثالثا:الدواة(حبر الكتابة)
حيث كنوا يصنعون الدواة من الأشياء التالية0
1- الصمغ:كانوا الأولون يأخذون صمغ شجر السلام وصمغ شجر السمر والمر (صمغ) شجرة العجا وينقعون كمية من الصمغ في قليل من الماء وبعد أن يذوب الصمغ في الماء يصفى المنقوع من الشوائب بواسطة قطعة قماش خفيف ويضعون المنقوع في إناء صغير أملس من الداخل مثل فنجان القهوة المصنوع محليا من الفخار0
2- السكر:إذا لم يتوفر الصمغ يأخذون كمية من السكر ويذيبونه في قليل من الماء0
3- الدمح(كربون السراج )وفيما بعد كربون الفانوس حيث كانوا يأخذون كمية من دمح(كربون) السراج أوالفانوس0
4- الجش(الفحم)إذا لم يتوفر الدمح(الكربون)يأخذون كمية من الفحم الأسود ويفحقونه(يطحنونه)جيدا ثم ينخلونه في قطعة قماش شاش0
5- يخلطون منقوع الصمغ أو السكر مع الدمح أو مسحوق الفحم ويخلط جيدا ويصبح مدادا جاهزا للكتابة ويضعونه في إناء يسمونه المحبرة أو الدواة ويكتبون به0بقلم القصيب أو القصب0
رابعا:أمنيتي الخاصة:
وبعد هذا الكلام أتمنى أن يعتبر أبناءنا وطلاب اليوم ويحمدون الله على النعمة التي يتنعمون بها وتوفر جميع الإمكانيات الدراسية من مدارس مطورة ومكيفة وواسعة وكتب وأقلام مطورة ووسائل المواصلات ومصادر التعلم0 ناهيكم عن توفر الغذاء الذي لم يتوفر لمن كان قبلهم والرعاية الصحية0ويجدون ويجتهدون حتى يحصلون على الدرجات العلمية التي تمكنهم من بناء ورفعت وطنهم والرقي بمجتمعهم(أتمنى ذلك من كل قلبي)