لونك المفضل

المنتديات الثقافية - Powered by vBulletin
 

النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: قرأتها فأعجبتني فشاركوني اعجابي

  1. #1
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية الالماسي
    تاريخ التسجيل
    10 2003
    العمر
    44
    المشاركات
    63

    قرأتها فأعجبتني فشاركوني اعجابي

    [كلنا روبنسن كروزو
    "كل انسان روبنسن كروزو وحيد معزول ،جسده جزيرته، و إشارات الاستغاثة التي يطلقها من آن إلى آخر قلما يلتقطها إنسان آخر يعي موجاته النفسية و شيفرته العاطفية ،و يلتقيان عبر جسر المشاركة المضيئة "

    الفجر يلجني ، يحرك أول ما يحرك في، أصابع قدمي ،يبعث الحياة في جسد لا يسترخي حتى في أشد حالاته انهاكا .
    جسد ، لا يفقد السيطرة على حواسه تماما ،حتى في درجات النوم العميقة ،على أهبة الوقوف دائما .
    تنتقل الحركة تصاعديا ،حتى تصل ذؤابة الجرح ،أشهق ، شهقة روح تهيم في أحلام كبيرة
    كبيرة في نظر العالم الملعون و مستحيلة ،رغم أنني أصر دائما أنها أبسط و أصغر الأحلام
    فراخ ،تنقر رأسي بحنو شديد ،قطط صغيرة تشد حبال الروح ، تجذبها حينا و ترخيها أخرى / يحدث أن تتعقد الخيوط و تتلخبط فلا أعرف رأس الخيط ،أوله من آخره ،تجري ، تهرب كرة أحلامي ،تتدحرج ،ألحقها ، تتفرع الطرق في رأسي ، تجذبها المنحدرات السهلة
    تتكور الأحلام ،و أقهقه ، في داخلي طبعا ، قهقهة الروح ،حتى تصل السماوات العلى
    و تطير .
    أحلامي أصنع منها طائرات ورقية ، أنفخها و أرسلها إلى عوالم الأحبة ، و عوالم الذاكرة ، عوالم النسيان أيضا ،إلى جسد جدتي الذي يسكن العوالم السفلى ..
    كم كانت لذيذة جدتي و كم كانت ساحرة أحجياتها ، أدين لها بخيالي و أحلامي .. أو تدين لي هي ..بسنين العمر الهاربة أو المهربة خارج السياق الزمني المألوف .
    أحيانا أذكر جدتي بحسرة و أحيانا اذكرها بندم :
    لماذا حشوتِ الفكر الصغير البريء بأحلام ليست على مقاس الحياة ؟ لمَ تفعلين بي هذا أيتها الجدة الخرافة ؟
    حكايتي مع الفجر قديمة ،قدم وجودي أو قبله ،لعلني منذ برمجت لأكون مشروع وجودٍ تجريبي للإنسان الرقم ..كذا وكذا و كذا خيبة .
    لعلني خلقت ساعة الفجر أو أعيد بعثي و استنساخي من هيئة نملة أو ذبابة أو ..
    إلهة مذنبة ؟
    هذا لا أعرفه ، ما اعرفه أنني جئت الدنيا أو ألقتني أمي من أحشائها بنزق ، ساعة فجر .
    تقول أمي :
    كانت الساعة الرابعة صباحا من يوم هادئ ، من ليالي مايو الدافئة ، جئتِ مع صوت الآذان ، استبشرنا بك خيرا ، لكن ..

    هذا ما كانت أمي تقوله ،،تبدأ روايتي بهدوء و حنين و تنهيها بتنهيدة عائمة تتمسك بقشة أمل شحيح ، في توبتي .
    رغم أنني لم أشعر يوما بالذنب ، لم أخطئ تماما ،و لم أصب تماما ، كنت أسعى لأكون بشر و كفى .
    ومن يوم مولدي و الفجر يتواطؤ معي ، يرسل لي ملائكته أو شياطينه ، تدغدغني ، لا احتاج إلى الكثير من المجهود لأستيقظ و كأنني لا أنام حقا أو كأنني في نوم دائم .
    ****************


    طقوسي الدائمة ، صلواتي التي أفتح بها نهاري..
    أفتح الشباك كاملا و أتمطى بذراعي و جسدي كله ، أملأ جوفي بهواء ندي، نقي ، أعيد الكَرَة مرات و مرات ، أزود روحي بصفاء الكون و صمته ،بسكون البشر ،،كل شيء ساكن عدا ذاك اللعين ، يفتح عينا و يغلق أخرى و يحدق في و كأنني أسمعه يتذمر :
    لمَ تزعجني دائما هذه المجنونة ؟
    أحيانا أبتسم له ، أحيانا أُصَبِح عليه ، أحيانا أسُبُه و أحيانا أكشر فيه دون كلام .
    كلب الجارة الفضة المشاكسة ، يرقد تحت نافذتي ،و يرافق فجرياتي ، يقحم نفسه في خلوتي المنشودة و يرسل بين الحين و الآخر صوتا شبيها بالغناء أو النواح ، كأنه يقول لي :
    حتى الكلاب تتأمل الفجر و تعشق و تحزن .
    و ترسل الكلاب الأخرى في أثره ، أصواتا مزعجة ، تتسابق في تناغمها و لا تفلح إلا في الازعاج اكثر .
    أتذكر هنا أيضا جدتي ، التي كانت تتعوذ منها و تتلطف ،و عندما أسألها لمَ تخيفك هذه الأصوات إنها تغني .
    تجيبني و ابتسامة مرة على محياها :
    إن الكلاب لا تغني يا عبيطة ، هذا نذير شؤم ،شيء ما سيحدث ،شر ما سيلحق بأحد ،، الله يبعده علينا ،،
    و تسترسل في أدعيتها و تسابيحها التي لا تنتهي و التي لم تمنع حدوث الكثير من المآسي لنا و لكل المؤمنين كما كانت تشدد على ذلك جدتي .

    استجمع أنفاسي ، و أغيب في فضائي وقتا طويلا .
    ****************


    شجرة اللوز المحاذية للنافذة ، تحضن برفق فراخ عصافير ، تهب نسائم لطيفة ترقص لها أوراق يانعة و تسقط أخرى صفراء يابسة ، عصافير تأتي و تفرخ و تمضي و عصافير تكبر لترحل ، أوراق تنضج مزهوة بغرور ، و أوراق تستكين و تستسلم ، نسائم صبح مختالة و سكون ليل يلملم أمتعته ،يودع الأرض إلى لقاء قد يأتي و قد لا يأتي ،،،
    و أنا أعيد طقوسي الفجرية دون كلل،الشيء الوحيد الذي أحسه يأتيني كل يوم بشكل أروع ..
    صلاة فجري ،تهجداتي و دعواتي ..
    ينتفض الكلب اللعين يجر سلسلته صوب الباب الحديدي المصفح ،ينبح و ينبح و ينبح ..
    يحشر أنفه في شق تحت الباب ،حفيف أقدام يقلقه ، يهرول المخلصون المجتهدون نحو المسجد للحاق بصلاة الفجر ، لا يفرق الكلب بين مصلٍ و تاركِ للصلاة مثلي ، لا يفرق بين تقي و فاجر ، بين طيب و خبيث ، لا يفرق الكلب بين سكير و صاحٍ
    كل ما يشغله ،الأغراب .
    كل الذي يمقته و يعتبره عدوا له ،من يقترب من باب جارة فضة قبيحة مؤذية .
    كل الكلاب على شاكلته ،وفية و حريصة على حرمة البيوت ، حتى و إن كان ساكنوها
    أكثر الناس عدوانية .
    يتقوس ظهري ، أشعر بتعب ، أو بالأحرى أشعر برغبة في الجلوس على مكتبي ، هو أحد طقوسي أيضا ، بعد شرب فنجان قهوة .
    أخرج مفكرتي كعادتي دوما ،و قلمي الوحيد / لا أغير قلما حتى يشح علي و يبخل حبره ، و لا احتفظ بقلمين في آن واحد أبدا ، لا أستعمل ألوانا مختلفة ، لون واحد ابدي ،أخلص له هو اللون الأزرق.
    و أنا أقلب صفحاته ،أبحث عن صفحة عذراء ،،،
    يتمثل أمامي ، يبرز كشيء سحري ، كمصباح علاء الدين ، كبقايا منسية من حكايات جدتي
    صندوق من نور ، من بلور ،تنطلق منه إشعاعات تجبرني على غلق جفوني لأول وهلة ،
    كان يصلني صوت دقات ..
    تك ..تك ..تك ..
    كنبض قلب ، لم يشق علي أن أحدد ، هي دقات قلب ،قلبت الصندوق الزجاجي لأتبين ما بداخله ..
    قطرات ماء تتابع على أوجهه ، تستقر في القاعدة ،وثلج ينزل من السقف ،،،كان الصندوق خاويا ،لكن سرت في داخلي حميمية و رغبة جامحة :
    ماذا لو أسكنه ؟
    ماذا لو احتفظت بهذا القلب ،أنتعش بصفائه و أتزود بروح الخيال التي يلبسها ،منتعشة بمائه الزلال و بيض ثلجه ؟
    ماذا لو كان هذا القلب البلوري ، هدية ، عربون مصالحتي مع القدر ؟
    هل حقا سيصالحني يوما القدر ؟ و يمنحني تأشيرة دخول الجنة،جنة من نور و حب ،
    جنة من سلام ،ياه ..كم أتوق إلى السلام ..
    لأفترض ،لأفترض ، صحيح أنا لست قديسة ،لكن ،،يعني لم أضر في حياتي أحد ،أعتقد ذلك
    بل ، أعطيت الكثير الكثير ،ربما انتبه القدر إلى تقصيره ، و منحني صك الغفران ،و صك السعادة ..
    كم أشتاقك أيها القلب البلوري ،لعلك من كنت توقظني منذ الأزل ، لعلك روح من أحببت دون أن أحب ، لعلك أمانة جاءت من العوالم التي أقمت فيها صلواتي منذ الأزل ، لعلك
    روح الفجر .
    روح الحب .


    **************

    أين يمكنني أن أخبئه ؟
    أي مكان آمن ؟
    نظرت حولي ، درج مكتبي ؟؟
    بين كتبي ؟
    محفظتي ؟
    خزانتي ؟
    فتحت خزانة ألبستي المطوية بشكل دقيق ، أجتهد دوما في ترتيب أشيائي بطريقة فنية دقيقة ،لكن أهم ما يصفع الرائي وهو يشرع دفتيها ،،سماوية ألوانها .

    كل ملابسي زرقاء أو امتداد للون الأزرق ، ألوان ليلكية ،
    بين صفوفها أضع زهورا اصطناعية ..أعشقها على الطبيعة لكنني لا أجدها في الضاحية التي أسكنها ، فحل محلها الاصطناعي منها ،هي زهور الليلك ..
    أمسكت الصندوق بحذر و هممت أن أصنع له مكانا في الخزانة ..
    لكن ..
    نبض القلب ..
    تك ..تك ..تك ..
    لا يمكن لقلب أن يستمر في الحياة بين أشياء تحتضر .
    ملابسي ، كتبي ، أوراقي .. كل أشيائي ، لا تمنح الحياة لقلب /
    ***********

    ضممته بين يدي،أسندته إلى صدري و جلست على حافة السرير ..
    كم هو هش و رائع هذا القلب .
    أول ضياء يتسرب عبر النافذة ،تنكسر موجاته على حواف الصندوق البلوري و تشع الغرفة بألوان قوس قزح ، تتبعثر على الجدران ، على المرايا ، على السقف و ترتد، إلى مقلتي
    تخترق جسدي و تستقر بقاع الروح ،تتهدج لها أعماقي ،أشهق ، شهقة أمي حواء يوم نفخت روحها ،تتفتح جنة أحلامي ورودا و تشع نيازكا و نجوما ، مجرات تتداخل مداراتها و تتقاطع ، الكون ينبعث عبر عيني من جديد ، لعلها الآخرة ، لعله اليوم الموعود ،،يوم ،،عودتي إلى الجنة ..

    أي موسيقى ترسلها دقات قلبي ، و أي الأغنيات اختزنتها الذاكرة و طواها النسيان ؟
    أي سحر أيها القلب البلوري ، أطلقتني به و قيدتني فيه ،أي سياق أدخله ،أي زمن يعبرني اللحظة ، أي دين قادر على تفسير عقيدتي الآن ؟
    عقيدة توحد ،،،
    أي الأعراس أقيمت بباحاتي المحرمة زمنا على غير الأحلام ؟
    يستمر الماء عذبا زلالا رائقا بالتدحرج على جنبات الصندوق الزجاجي ، يهطل الآن أكثر من ذي قبل ،و قوس قزح يلف عنق السماء ،عقدا من ألوان ..
    إنه عرس الذئب .
    هكذا كانت تقول جدتي :
    عرس الذئب ،المطر يهطل و الشمس تملأ قبة السماء .
    عرس الذئب ، أهازيج قلبي و أطياف الحب ترقص على وقع أساطير القدامى و مباركة الآلهة .
    عرس الذئب ، و ماء مالح يندلق من عيني ، فرحا ،،ندما ،أسفا على ما فات .
    الماء المالح يقع على الصندوق ،،
    هالة من نور ،،تخرج منه ،، تدخلني ، تخترق أنفي و فمي ..
    أحسها تتسرب ، إلى قلبي و تستقر .
    أسمع صوتا يخرج مني :
    لا يحيا القلب إلا في قلب .
    لا يحيا القلب إلا بالحب .
    أبتسم ،أبتسم ، ماء مالح على جنبي شفتي ،،،
    "الله أكبر، الله اكبر ,...,,
    يوقظني صوت المؤذن ..
    أدرك أن النهار طلع حقا و أنني كنت أحلم .
    لأول مرة أستيقظ و قد فاتني الفجر ،لان الحلم كان أطول من عمر ليلي ،بشهقة

  2. #2
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية عبدالله الحلوي
    قبس المنتدى
    تاريخ التسجيل
    10 2003
    الدولة
    النون ..
    المشاركات
    7,449
    هي لاتثير الاعجاب

    بصراحة كلام رائع وجعلني اعبر ملايين اللحظات في لحظة


    طفت الكون في لحظة هدوء وسكينه واستنشقت اعذب عبير بهذه الكلمات الرائعة


    اعجبك اعجبتني بهذه الكلمات


    مع حبي
    النهر الخالد

  3. #3
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية الالماسي
    تاريخ التسجيل
    10 2003
    العمر
    44
    المشاركات
    63
    اتدري اخي عبدالله


    ماهو الشئ المثير للاعجاب



    مرورك المتألق والعذب دوما


    حيويتك ونشاطك في المنتدى كله


    ردودك التى تكون كالوقود لنا



    تجعلنا نستمر ونستمر



    دام لنا تواصلك عزيزي


    ولا عدمت اطلالتك البهيه



    قاسم شراحيلي

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •