تصحو من نومك - كالعادة - على معزوفة "التفحيط" المستمرة منذ البارحة بقيادة "أبو عربون" يصحبه فيها فرقته الماسية من المصفقين. تخرج فترى سيارتك جاثمة أمام بابك وتحمد الله أنها لم تختطف البارحة أيضا. تتجه لعملك دون تناول شيء، لأن الإفطار الجماعي مع الزملاء أكثر توفيراً هذه الأيام!
تخرج للزحام وتشاهد بثاً للأخلاق"التجارية" حتى الوصول لمدرستك. تدخل على طلابك فتجد ذلك رافعاً قدميه للسماء، وذاك يغنّي، وآخر "يهز" ورابع يصفق لهما. تردد بداخلك: (قم للمعلم وفه التبجيلا...).!
ويزداد الأمر سوءاً بشعورك بالظلم لتعيينك على مستوى دون المستحق، وزحمة فصول تكاد تنفجر من طلابها. ويوم دراسي ضائع بقراءة التعاميم والتوقيع عليها.
تجاهد نفسك حتى خروجك، فتعود للبيت لمشاهدة سوق الأسهم بمهازله،ثم تفاجأ بانقطاع الاتصال. تتصل بشركة الهاتف،ليجيب: "اتصالك يهمك وحدك.. فضلا انثبر وامسك سرا". تنتظر وتنتظر حتى يمل منك الانتظار، فيأتي من يصرّح بأن المشكلة عامة سببها انقطاع الكيبل البحري في ما وراء المحيطات وسيتم إصلاحه فوراً. تغلق السماعة وصدى "فوراً" لا يزال يصدح بأذنيك،وتؤمن بأن "فوراً" تعني عندهم انتظاراً طويل الأجل تماماً كـ"حليب....".!
تعزّي نفسك: "عسى خيرة.. أصلاً موعد البنت في المستشفى 2 ظهرا" فتذهب. وبعد انتظار ساعة تدخل على الطبيب،تشعر بأن مظهره يصلح لأي شيء عدا الطب، وتتذكر قصص السباكين والجزارين الذين قدموا بشهادات مزورة. وفي أقل من 10 ثوان تخرج من عنده بوصفة طبية (لاحظ انتظار ساعة مقابل ثوانٍ يكتشف فيها هذا الفلتة العلة). عندما تسأله عن مريضك يشير إلى الوصفة التي بين يديك، وكأن أمر الطفلة لا يعنيك.!
تتقدم إلى الصيدلية وتفاجأ بعامل وقد استلم مهام الصيدلي (تجرأ واسأل عن الأخير)، ليقول لك الصيدلي "الجديد" إن الدواء غير متوفر!
تذهب للصيدليات الموجودة قبالة المستشفى، وأثناءه تسأل في نفسك عن مصادفة وجودها أمام مستشفى حكومي. يقطع وصولك تساؤلك، فتجد الدواء وقد لسعتك حرارة سعره، تتذكر صغيرتك فتأخذه ولو بعت دمك!
عندما تعود إلى سيارتك تفاجأ بأن شكلها اختلف عما تركتها عليه، إذ تعرضت مؤخرتها لاعتداء آثم (حقيقة لم يتغير كثيراً لأنها خردة أصلاً). تحتسب وتتصل بالمرور، يجيبك أحدهم فتخبره القصة، ثم يسأل سؤالا مصيرياً: "هل هناك مصابون أو وفيات؟". لا شعورياً تضحك لأنك أخبرته أن سيارتك صدمت وهي واقفة، يسأل عن سبب ضحكك فتعتذر. ثم يطلب منك المجيء إلى المركز بسيارتك لاستكمال الإجراءات.
عندما تصل المركز تسأل عن المسؤول و دون إجابة يُطلب منك الانتظار. تفهم من المراجعين أنه خرج في "مهمة" بحسب ما قيل لهم قبل ساعات!
أثناء انتظارك تتصل "أم العيال" لتبشرك أن الكهرباء مقطوعة،والبيت أضحى كـ"شواية بخاري"،فلا تملك إلا أن تهوّن عليها بأن الرياض والجبيل والقصيم وحائل وغيرها،انقطعت هي الأخرى عنها الكهرباء قبل أيام، أفلا تنقطع عنا نحن..؟!
بعد انتظار مُمل يأتي شاب يافع تفهم من تحية الأفراد له أنه "ضابط خفر" المُنتظر. فتدخل مكتبه وتلقي التحية ولا تجد إجابة (عدّيها). تقصص عليه فيسأل عن سيارتك وتفيد بأنها رابضة بالخارج. يسألك عن سبب تحريكها من موقع الحادث قبل مباشرتهم له، لتتذكر أنه خلال اتصالك بهم طُلب منك القدوم بسيارتك لاستلام ورقة إصلاح. فيجيب الضابط: روح للي رد عليك خليه يعطيك ورقة إصلاح..!
عندما تخرج يهمس أحدهم في أذنك بإصلاحها دون ورقة. فتتجه إلى "الصناعية" وتسأل عن التكلفة، فيجيبك "السمكري" بسؤال: بورقة إصلاح والا بدون.. السعر يختلف..!!
المساحة انتهت.. وأحداث يوم من حياة "الغلبان" لم تنته.. !!
,,,,,,,,,,,,,,,,, هايل العبدان ـ صحيفة الوطن .