حاسبوا أنفسكم فإن الشهود عليكم كثير
بقلم: الشيخ الدكتور ناصر بن محمد الأحمد
ودعنّا قبل أيام إجازة صيفية كانت طويلة هذا العام، واستقبلنا عاماً دراسياًجديداً، نسأل الله تعالى العون والسداد.
وإنه لمن المناسب جداً عند العقلاء وكلكم ذلك الرجل أن يقف لحظة محاسبة مع نفسه، كيف مرت به وبأولاده هذه الإجازة، يحاول أن يستعيد بدايتها ولحظاتها حتى نهايتها، كيف ذهبت وبماذا صرفت أوقاتها، وما هي ثمراتها ونتائجها، وما هي خسائرها وحسراتها، ومثل هذا الكلام لا نقصد به عوام الناس فقط، فيظن بعض الطيبين أنهم ليسوا داخلين في الحديث، بل الكل معني بهذا الحديث. حتى المستقيم والمحافظ بماذا قضى الإجازة وكل محاسب على قدر علمه ودينه.
وها هنا سؤالان:
السؤال الأول: هل تدرون ماذا نقصد بمحاسبة النفس مع نهاية الإجازة؟ نقصد بها أن ينظر كل واحد منا في أعماله وأحواله وأقواله في الإجازة التي مرت، فمن وجد خيراً فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه. الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني.
السؤال الثاني: وهل تدرون لما نحاسب أنفسنا؟ لأربعة أمور:
الأمر الأول: حتى يخفف عنا حساب الآخرة. يدني الله تعالى المؤمن يوم القيامة فيضع عليه كنفه ـ أي ستره عن أعين الخلق ـ فيقرره بذنوبه: أتعرف ذنب كذا في يوم كذا؟ فيقول: نعم، فيقول الله عز وجل: أنا سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك، فيعطى صحيفة حسناته. وأما الكافر والمنافق فينادى عليه على رؤوس الخلائق: { هَؤُلاء الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى رَبِّهِمْ أَلاَ لَعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} (18) سورة هود.
الأمر الثاني: نحاسب أنفسنا أيضاً لأن الشهود كثير، فإذا كان قضاة الدنيا يمكن الاحتيال عليهم بالرشوة والوساطة والنفوذ وإحضار شهود الزور فشهود الآخرة لا يجرى عليهم ذلك، وأعظم شهادة، شهادة رب العالمين: { مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ } (7) سورة المجادلة، وشهادة الملائكة: {إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ } (17) {مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} (18) سورة ق وشهادة الجوارح: {الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} (65) سورة يــس، وشهادة الجلود: {وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ } (21) سورة فصلت ، وشهادة الأرض: {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا} (1) {وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا } (2) {وَقَالَ الْإِنسَانُ مَا لَهَا} (3) {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا} (4) {بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا} (5) سورة الزلزلة قالوا: يا رسول الله ما أخبارها؟ قال: "أن تشهد على كل عبد أو أمة بما عمل على ظهرها تقول: عملت كذا وكذا في يوم كذا وكذا".
والأمر الثالث الذي من أجله نحاسب أنفسنا في نهاية هذه الإجازة وبداية عام دراسي جديد لأن ألد عدو للإنسان نفسه، فهي الأمارة بالسوء كما وصفها خالقها { النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ } (53) سورة يوسف، فما تشتهيه نفسك هو السبيل إلى النار وما تكرهه هو السبيل إلى الجنة قال صلى الله عليه وسلم: "حفت الجنة بالمكاره، وحفت النار بالشهوات" فكان لابد من الرقي بها بالمعاتبة والمحاسبة.
الأمر الرابع: تأمل، هذه يد المنون تتخطف الأرواح من أجسادها. تتخطفها وهي راقدة في منامها. تعاجلها وهي تمشي في طرقاتها. تقبضها وهي مكبة على أعمالها. تتخطفها وتعاجلها من غير إنذار أو إشعار. { فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ} (34) سورة الأعراف ها هو ابن آدم يصبح سليماً معافى في صحته وحُلَّته، ثم يمسي بين أطباق الثرى قد حيل بينه وبين الأحباب والأصحاب. ويلٌ للأغرار المغترين. يأمنون الدنيا وهي غرارة. ويثقون بها وهي مكارة. ويركنون إليها وهي غدارة. فارقهم ما يحبون، ورأوا ما يكرهون. وحيل بينهم وبين ما يشتهون. ثم جاءهم ما يوعدون. ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون.
نعم لا بد لنا من وقفة محاسبة وتذكر، وما يتذكر إلا من ينيب، فمن غفل عن نفسه تصرمت أوقاته، واشتدت عليه حسراته. لا بد من وقفةٍ صادقةٍ مع النفس في محاسبةٍ جادةٍ، ومساءلةٍ دقيقةٍ، في مثل هذه اللحظات، فوالله لتموتن كما تنامون، ولتبعثنَّ كما تستيقظون، ولتجزون بما كنتم تعملون.
هل الأعمار إلا أعوام؟ وهل الأعوام إلا أيام؟ وهل الأيام إلا أنفاس؟ وإن عمراً ينقضي مع الأنفاس لسريع الانصرام. أفلا معتبر بما طوت الأيام من صحائف الماضين؟ وقلَّبت الليالي من سجلات السابقين؟ وما أذهبت المنايا من أماني المسرفين؟ كل نفس من أنفاس العمر معدود. وإضاعة هذا ليس بعده خسارة في الوجود. {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوَءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا } (30) سورة آل عمران
إن الدنيا تُبكي ضاحكاً، وتضحك باكياً. وتُخيف آمناً، وتؤمن خائفاً، وتفقر غنياً، وتغني فقيراً. تتقلب بأهلها، لا تُبقي أحداً على حال. العيش فيها مذموم، والسرور فيها لا يدوم، تُغيِّر صفاءها الآفات، وتنوبها الفجيعات، وتفجع فيها الرزايا، وتسوق أهلها المنايا. قد تنكرت معالمها، وانهارت عوالمها.
لا يعرف حقيقة الدنيا بصفوها وأكدارها، وزيادتها ونقصانها إلا المحاسب نفسه. فمن صفَّى صُفِّيَ له، ومن كَدَّر كُدِّر عليه، ومن أحسن في ليله كوفئ في نهاره، ومن أحسن في نهاره كوفئ في ليله. ومن سرَّه أن تدوم عافيته فليتق الله ربَّه، فالبر لا يبلى، والإثم لا ينسى، والديان لا يموت، وكما تدين تدان.
وإذا رأيت في عيشك تكديراً وفي شأنك اضطراباً، فتذكر نعمةً ما شكرت، أو زلة قد ارتكبت فجودة الثمار من جود البذار، ومن زرع حصد، وليس للمرء إلا ما اكتسب، وهو في القيامة مع من أحب.
يقول الفضيل بن عياض رحمه الله: من عرف أنه عبدٌ لله وراجعٌ إليه فليعلم أنه موقوف. ومن علم أنه موقوف فليعلم أنه مسؤول، ومن علم أنه مسؤول فليُعد لكل سؤال جواباً. قيل: يرحمك الله فما الحيلة؟ قال: الأمر يسير. تحسن فيما بقي يغفر لك ما مضى. فإنك إن أسأت فيما بقي أخذت بما مضى وما بقي.
لا بد من محاسبةٍ تَفُضُّ مغاليق الغفلة، وتوقظ مشاعر الإقبال على الله في القلب واللسان والجوارح جميعاً.
من لم يظفر بذلك فحياته كلها والله هموم في هموم، وأفكارٌ وغموم، وآلامٌ وحسرات. بل إن الله لم يبعث نبيه محمداً إلا بالمهمتين العظيمتين: علم الكتاب والحكمة وتزكية النفوس. {لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ} (164) سورة آل عمران، بل لقد علَّق الله فلاحَ عبده على تزكية نفسه ومحاسبتها وقدم ذلك وقرره بأحد عشر قسماً متوالية؛ اقرؤوا إن شئتم وتأملوا: {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا (1) وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا (2) وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا (3) وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا (4) وَالسَّمَاء وَمَا بَنَاهَا (5) وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا (6) وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا} (10) [الشمس: 1 - 10].
إن الله عز وجل قدر لنا عدداً محدداً من الأنفاس فكلما تنفس العبد نفساً سجل عليه، حتى يصل العبد إلى آخر العدد المقدر له، عند ذلك يكون خروج النفس، وفراق الأهل، ودخول القبر، وينتقل العبد من دار العمل ولا حساب إلى دار الحساب ولا عمل، وإنما يدرك العبد أهمية محاسبة النفس وخطر الوقت والعمر إذا فقد هذه النعمة، فعند ذلك يتمنى أن يرجع إلى الدنيا لا من أجل أن يجمع حطامها وشهواتها، بل من أجل أن يجتهد في طاعة الله عز وجل، وتتجدد له هذه الأمنية وهذا الطلب كلما عاين أمراً من أمور الآخرة. قال تعالى{حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ} (99) {لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} (100) سورة المؤمنون وقال تعالى: {وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ} (10) {وَلَن يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاء أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} (11) سورة المنافقون. وقال تعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُؤُوسِهِمْ عِندَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ } (12) سورة السجدة وقال تعالى: {وَلَوْ تَرَىَ إِذْ وُقِفُواْ عَلَى النَّارِ فَقَالُواْ يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلاَ نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} (27) سورة الأنعام وقال تعالى: {وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَاءكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ} (37) سورة فاطر. وقال تعالى: {قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِّن سَبِيلٍ} (11) سورة غافر إنما الإجازات والعمر والوقت نعمة من الله عزّ وجلّ، فمن شكرها بطاعة الله عز وجل وأنفقها في سبيل الله تقول له الملائكة يوم القيامة: {الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُواْ الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} (32) سورة النحل وتقول له في الجنة: {كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ} (24) سورة الحاقة. ومن كفر هذه النعمة وبذلها في معصية الله عزّ وجلّ تقول له الزبانية: {ذَلِكُم بِمَا كُنتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنتُمْ تَمْرَحُونَ} (75) {ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ} (76) سورة غافر فينبغي على العبد أن يعرف خطر الأوقات واللحظات والإجازات فأهل الجنة لا يتحسرون على شيء، إلا على ساعة مرت عليهم لم يذكروا الله عزّ وجلّ فيها.
قال رجل لعامر بن عبد قيس: قف أكلمك فقال: أوقف الشمس.
كانوا يبخلون بأوقاتهم وأنفاسهم أن تنفق في غير طاعة الله عزّ وجلّ، وكانوا أحرص على أوقاتهم من حرصنا على دنانيرنا ودراهمنا. ونحن بماذا قضينا الإجازة؟
مات ابن لأبي يوسف تلميذ أبي حنيفة فوكل أحد جيرانه في غسله ودفنه لئلا يفوته درس من دروس شيخه أبي حنيفة.
ودخلوا على الجنيد عند الموت وهو يصلي قال: الآن تطوى صحيفتي.
وقيل لأبي بكر النهشلي وهو في الموت: اشرب قليلاً من الماء قال: حتى تغرب الشمس.
أين وصفك من هذه الأوصاف، لقد قام القوم وقعدنا، وجدوا في الجدّ ونمنا، ما بيننا وبين القوم إلا كما بين اليقظة والنوم.
ومن جهل قيمة الوقت الآن، فسيأتي عليه حين من الدهر يعرف فيه قدره وتعاسته وقيمة العمل فيه، ولكن بعد فوات الأوان. وفي هذا يذكر الله تعالى موقفين للإنسان يندم فيهما على ضياع وقته حيث لا ينفع الندم:
أولهما: ساعة الاحتضار، حين يستدبر الإنسان الدنيا ويستقبل الآخرة ويتمنى لو منح مهلة من الزمن ليصلح ما أفسد ويتدارك ما فات: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} (9) {وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ} (10) سورة المنافقون ويكون الجواب عن هذه الأمنية: {وَلَن يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاء أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} (11) سورة المنافقون.
ثانيهما: في الآخرة، حيث توفى كل نفس ما عملت وتجزى بما كسبت، ويدخل أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار، هنالك يتمنى أهل النار لو يعودون مرة أخرى على الحياة ليبدؤوا من جديد عملاً صالحاً {وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُم مِّنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ} (36) {وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَاءكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ} (37) سورة فاطر.
إن الليالي والأيام خزائن للأعمال ومراحل للأعمار، تبلي الجديد وتقرب البعيد، أيام تمر وأعوام تتكرر، وأجيال تتعاقب على درب الآخرة، فهذا مقبل وهذا مدبر، وهذا صحيح، وهذا سقيم، والكل إلى الله يسير.