بسم الله الرحمن الرحيم
أَبْدَأُ بِاسْمِ خَالِقِي مُحَمْــدِلاَ ... مُحَسْـبِلاً مُكْتَفِيًا مُحَوْقِلا
وَالحَمْــدُ للهِ الذِي قَدْ أَنْزَلا ... كِتـَابَهُ مُبَيَّنًا مُفَصَّـــلا
ثُمَّ الصَّلاةُ مَعْ سَــلامِهِ عَلَى ... رَســوْلِهِ مُحَمَّدٍ خَيْرِ المَلا
وَالآلِ وَالصَّحْبِ الكِرَامِ الفُضَلا ... الأَنْجُمِ الزُّهر الهُدَاةِ النُّبَلا
وَالتَّابِعِيْنَ السَّـادَةِ الغُرِّ الأُلَى ... قَدْ نَقَلـُوا الدِّيْنَ لَنَا مُكَمَّلا
وتَابِعِـيْهِمُ وَكُلُّ مَنْ تَلا وَكُلُّ ... مَنْ عَنْهُم لَهُ قَدْ حَمَــلا
أَزْكَى صَلاةٍ وَسَــلامٍ وُبّلا ... تَدُوْمُ مَا اسْوَدَّ الظَّلامُ وَانْجَلَى
يقول الشيخ رحمه الله تعالى :
أبدا عملي هذا باسم خالقي وهو الله سبحانه قائلاً الحمد لله وقائلاً حسبي الله ونعم الوكيل وأنا مكتف بالله تعالى وقائلاً لا حول ولا قوة إلا بالله ، والحمد لله الذي أنزل كتابه المبين الموضح المفصل تفصيلاً جليًّا، لا إبْهام فيه، ولا إيهام ثم الصلاة والسلام على رسوله محمد -والصلاة من الله هي ذكره له وثناؤه عليه فِي الملأ الأعلى- وهو صلى الله عليه وسلم أفضل من شرف وساد الملأ وهم الأشراف من الناس والسادة والكبراء،
وعلى آله وهم أتباعه الناصرون لما جاء به، والداعون إليه بصدق وإخلاص إلَى يوم القيامة، سواء كانوا من العرب أم من العجم، ويدخل فِي ذلك دخولاً أوليًّا أهل بيته وقرابته، وأزواجه وذريته .
وصحبه جمع صحابِي، والصحابِي هو: من لقي النَّبِي مؤمنًا به، ولو لحظة، ومات على ذلك، ولو تخللت ردة فِي الأصح.
وقد وصفهم الشيخ بستة صفات ( الكِرَامِ الفُضَلا ... الأَنْجُمِ الزُّهر الهُدَاةِ النُّبَلا )
وعلى التابعين لهم والتابعي هو: من لقي الصحابي، وهو مؤمن وهم طبقات كثيرة، وفيهم أهل الفتوى في كل مصر من الأمصار ، وهم السادة أي الأخيار. "الغرُّ": جمع أغر، وهو الشريف الكريم في قومه، وهو وصف ينطبق على أولئك السادة ، الذين نقلوا إلينا دين الإسلام كاملاً غير منقوص على أتم وجه وأجلى حقيقة: عبادات ومعاملات وآداب وخلق..
وعلى تابعي التابعين وكل من جاء بعدهم، واقتفى أثرهم، وحمل علمهم بكل عزم وجد وصدق وأمانة وإخلاص إلَى يوم الدين، وما أكثر مؤلفاتِهم الَّتِي وصلت بأيدينا فِي هذا العصر نعمة من الله وفضلاً.
وَبَعْدُ فَالأَدِلَّةُ الشَّـــرْعِيَّةُ ... فِيْ جُمْـلَةِ الفَرَائِضِ الدِّيْنِيَّةِ
يَنْبُوعُهَا هُوَ الكِتَابُ المُقْتَفَى ... وَسُنَّةُ الهَادِي الرَّسُوْلِ المُصْطَفَى
وَهَذهِ أُرْجُــــــــــوزَةٌ يَسِيْرَهْ ... جَـامِعَةٌ لِجُـــــــــــــمَلٍ كَثِيـْرَهْ
جَعَلْتُهَا إِشَــــــــــــارَةً إِلَيْهَا ... تَدُلُّ كُلَّ رَاغِــــــــــــبٍ عَلَيْهَا
وَاللهَ أَرْجُو المَنَّ بِالإِكْــمَالِ ... وَالعَوْنَ وَالتَّسْدِيْدَ فِي المَقَالِ
"وبعد" هذه الكلمة اختصار لكلمة: "أما بعد" الَّتِي يؤتى بِها فِي الكتابة والخطابة للانتقال من أسلوب إلَى أسلوب آخر، ومعناها عند أهل اللغة: مهما يكن من شيء فالأمر كذا. ويستحب الإتيان بِها فِي الخطب على اختلاف أنواعها والمكاتبات كذلك اقتداءً بالنبِي الكريم ..
فالنصوص الَّتِي جاء فيها ذكر الفرائض والحدود والحلال والحرام والأمر والنهي، وكل ذلك استمد من أصلين عظيمين من تمسك بِهما أمن على نفسه من الانحراف والضلال، أولُهما الكتاب المقتفى: الذي كُلِّف عالَم الإنس والجن باتباعه والسير على إثره والالتزام التام بكافة تعاليمه وتوجيهاته، هذا الكتاب هو القرآن الكريم .
أما الأصل الثانِي فالسنة المطهرة: ولها من الكتاب العزيز مكانة عظيمة, فهي تفسره وتبين مجمله، وتحل مشكله، وتشهد له بالصدق والجودة والكمال؛ لأنَّها وحي ثانٍ من عند الله.
ثم أشار رحمه الله إلَى هذه المنظومة المباركة، والأرجوزة: القصيدة المنظومة من بحر "الرجز" ووصفها بأنَّها يسيرة أي: سهلة ميسرة وهي قليلة بالنسبة للكتب المطولة فِي هذا الشأن، ولكنها ضامة لجمل كثيرة من الأحكام الشرعية إذ إنَّها تضمنت بيان العبادات والمعاملات والآداب والسلوك والترغيب والترهيب باختصار غير مخل ..
و الناظم جعل هذه الأرجوزة لتدل القارئ والسامع من الذين يرغبون الفقه فِي دين الله على كثير من أحكام الفقه الإسلامي بطريقة النظم المحببة إلَى النفوس والميسرة للحفظ فِي وقت قصير عندما تتوفر دواعي الحفظ وتتهيأ فرصه.
وختم الشيخ - رحمه الله - بدعاء ربه طالبًا منه الإعانة على الإكمال لِهذا العمل الجليل والتوفيق للقول الصائب فيه ، وقد استجاب الله دعاء عبده ومنَّ عليه بإكمال ما قصد على خير ما يرام, وأمدَّه بعونه وسدَّد خطاه, فجاء بالقول الصائب والعمل المتقن المثمر.
تابعووووووا معنا ...