بسم الله الرحمن الرحيم
يوميات صائم(اليوم الخامس عشر)
((الصفح))
أين نحن من تعاليم ديننا الإسلامي؟؟؟{ واصفح الصفح الجميل}!!!
تعريف الصفح:
الصفح:في اللغة – مصدر ( صفح يصفح صفحا) إذا أعرض عن الذنب وتجاوز عنه, فهو من مادة ( ص ف ح ) التي تدل على عرض الشيء , ومن ذلك صفح الشيء عرضه , والصفح الجنب , وصفحة الرجل : عرض وجهه .
وصفح عنه يصفح صفحا: أعرض عن ذنبه فلم يؤاخذه به, وحقيقته : ولاه صفحة وجهه , وهو صفوح وصفاح : أي عفو . والصفوح : الكريم لأنه يصفح عمن جنا عليه .قال الفيروز آبادي : والصفح أبلغ من العفو , وقد يعفو الإنسان ولا يصفح .
والصفح في الاصطلاح:قال القرطبي: الصفح: إزالة أثر الذنب من النفس , صفحت عن فلان : إذا أعرضت عن ذنبه, وقد ضربت عنه صفحا , إذا أعرضت عنه وتركته. الجامع لأحكام القرآن(2-71)
الصفح خلق من الأخلاق التي أمرنا الله سبحانه وتعالى أن نتخلق بها وأمرنا وحثنا رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم أن نتمسك بها ونحافظ عليها.
ومن الآيات التي تأمر بالصفح الآيات التالية:
يقول الله تعالى : { وإنّ الساعة لآتية فاصفح الصفح الجميل}سورة الحجر الآية(85)
وقال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوّاً لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }سورة التغابن الآية(14)
وقال الله تعالى: {وَلا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُوْلِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}سورة النور الآية(22)
وقال الله تعالى: {فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}سورة المائدة الآية(13)
وقال الله تعالى: { فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ } سورة الزخرف الآية(89)
قال الله تعالى: { فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}سورة البقرة الآية(109)
قال الله تعالى: {وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ(36) وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ(37)}سورة الشورى الآيتان(36، 37)
ومن الأحاديث التي تأمر بالصفح الأحاديث التالية:
عن عائشة رضي الله عنها: {ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا قط بيده ولا امرأة ولا خادما إلا أن يجاهد في سبيل الله وما نيل منه شيء قط فينتقم من صاحبه إلا أن ينتهك شيء من محارم الله فينتقم لله عز وجل }رواه مسلم .
سئِلَت عائشة رضي الله عنها عن خلُق رسولِ الله فقالت: لم يكن فاحِشًا ولا متفحِّشًا ولا صخَّابًا في الأسواق، ولا يجزِي بالسيِّئة السيئة، ولكن يعفو ويصفح. رواه أحمد والترمذي وأصله في الصحيحين
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : {كنا جلوسا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة فطلع رجل من الأنصار تنطف لحيته من وضوئه قد علق نعليه بيده الشمال ... فلما كان الغد قال النبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك فطلع ذلك الرجل مثل المرة الأولى ..
فلما كان اليوم الثالث قال النبي صلى الله عليه وسلم مثل مقالته أيضا فطلع ذلك الرجل على مثل حاله الأول} !!!
تمنى الصحابة لو كانوا مثل هذا الرجل .. وتشوقوا لمعرفة عمله الذي جعله من أهل الجنة .. وأظن أن كل واحد منا يود معرفة ذلك وأيضا معرفة العمل أو الأعمال التي يؤديها وجعلته من أهل الجنة.
حسنا لنكمل القصة إذا ونتعرف على هذا الرجل الذي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه من أهل الجنة والعمل الذي يؤديه وجعله من أهل الجنة.
قرر الصحابي الجليل عبد الله بن عمرو محاولة اكتشاف العمل الذي يوم به هذا الرجل وجعله من أهل الجنة فذهب هذا الصحابي للرجل وطلب منه أن يظل عنده لبضعة أيام بحجة أن
هناك خصومة قد وقعت بينه وبين أبيه. فوافق الرجل.وفي هذه الأيام كان الصحابي يراقب الرجل في كل تصرفاته فلم يجده كثير الصيام ولا كثير القيام.فلقد كان هذا الرجل ينام الليل ويفطر النهار .فاحتار الصحابي في أمر هذا الرجل .. فما العمل الذي جعله من أهل الجنة.
لقد راقب هذا الصحابي فعل الجوارح .ولكنه لم يطلع على عمل القلب.
فالقلوب لا يعلم عملها إلا مقلب القلوب . وقد تكون أعمال القلوب أحيانا أعظم من أعمال الجوارح.
قرر الصحابي أن يروي القصة كاملة للرجل ليعرف منه العمل العظيم الذي يقوم به .. فقال له :
يا عبد الله لم يكن بيني وبين أبي غضب ولا هجرة .ولكن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ثلاث مرات يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة فطلعت أنت الثلاث مرات.
فأردت أن آوي إليك فأنظر ما عملك فأقتدي بك ... فلم أرك عملت كبير عمل . فما الذي بلغ بك ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
فقال الرجل :ما هو إلا ما رأيت غير أني لا أجد في نفسي لأحد من المسلمين غشا ولا أحسد أحدا على خير أعطاه الله إياه "
فأعلنها ابن عمرو صريحة مدوية :هذه التي بلغت بك وهي التي لا نطيق !!
ياله من عمل صعب . أيعقل أن لا يحمل الرجل على أي مسلم من المسلمين ذرة من غضب أو غل؟؟؟!!! إنه فعلا عمل عظيم .
أخواني أخواتي في الله أين نحن من الصفح والصّفح هو خلُقُ النبيّ صلى الله عليه وسلم فأين المشمِّرون المقتَدون؟! وأين من يغالِبهم حبُّ الانتصار والانتقام؟! وأين هم من خلُق سيِّد المرسَلين ؟!
إذاً هيا بنا أحبائي في الله:
نعفُو ونصفح ونسامح ونغفر ونحلل كل من أخطأ علينا ونقول لهم أنتم في حل. وسامحناكم لوجه الله تعالى.
عسى الله أن يعفو عنا ويغفر لنا إن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً .
وفي المقابل نعتذر لكل من أخطأنا في حقهم وإعادة الحقوق لأصحابها إن وجدت حقوق للآخرين لدينا ونطلب منهم أن يعفوا عنا ويصفحوا.ونبعث لهم رسائل اعتذار مغلفه بغلاف الحب والتسامح وطلب الصفح.
فهل أعدنا للآخرين حقوقهم وكتبنا تلك الرسائل وبعثناها الى كل من أخطأنا بحقهم؟؟؟
أرجو ذلك .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وإلى اللقاء مع يوم صائم أخر بمشيئة الله تعالى.