[ من ذاكرة رجل في السبعين ]




أمسُ كنتُ في أمسِّ الحاجة للجنون..

قد تعتريك هذه اللحظة عندما تحسُ أن عقلك مكتظ بالعابرين..

فلا هو يقوى على تغيير هذه الوجوه ، ولا أنتَ لديك القدرة على إيقاف تفكيره بهم.

نهضتُ من سريري..

أشعلتُ سجارتي ، وجلستُ على الأرض.

لم تكن ملامح وجهي التي تحسـستها بيدي توحي لي بأني على بساط الحياة.

سبعون عاماً قضيتها من عمري وأنا أحملُ بين عينيّ حلمي..

لا لـَمسته ............ ولا حتى رأيتهُ من بعيد .

وها هي قشور أحلامي تـتكسر على صفحة وجهي

لأستفيقَ على بقايا أظافرها

التي أثمرت في وجهي تجاعيداً .... وذبولا.

******

سبعون عام ...
يا للهول ..

وكلما استيقـظت أسأل نفسي : هل أنا على قيد الحياة ؟

مضت ..

فيا ليتني ما كتبت ..

و يا ليتني ما قرأت ..

و يا ليتني .. ما عرفت .

سبعون ،، ونيفا ً

وليس غير أوراقي ، وتبغي الأسود ، وفنجان قهوتي

وليس غير وشاحٍ قلبي الذي شاخ في دهاليز العمر..

سبعون ( ... ) وليس غير شـَعري الأبيض !!

******

و ها هو العام السادس بعد السبعين، يتضور جوعا ليأكل بقايا جسدٍ عليل وذاكرة مهترئة ..

العمرُ مثلُ البحر ..

يسحب الأحياء إلى أعماقه ، ويلفظـُهم جـُـثـثـا يكسوها الملح والجفاف.

يا سبعون عاما ً إلى أين الـمـَـسير .. ؟


ــــــــــــــــــــــــــــــــ

نص قديم حيث لا جديد.. مُــدن.