مرحبا أخي أبو الفراس
دعني أوّلا أقول أنك انتقيت أجمل القصائد و أقربها للقلب .. فكم أعشق تلك الدمشق
حين يتغنّى بها نزار في حلّة رائعة من الحروف ...
ثمّ لأجب على تساؤلاتك :
و لنبدأ من هنا
هنا جذوري.. هنا قلبي... هنا لغـتي ...... فكيف أوضح؟ هل في العشق إيضاح؟
كأنما نزار يستنكر على السائلين فالحب بديهية إذا ما تعلّق الأمر بالوطن
لا يحتاج برهانا و لا إيضاحا ... جليّ هو في القلب و العيون .. عشق يفضحه
عمق الانتماء ، و لا شيء يجبر المرء على هجران أرضه غير الظلم و لكن
ليس الكلّ بنازح و إن غاب عن الثرى فالوطن مهما جار أو جار حكامه
يبقى الحبيب و الأمان و الحضن الدافئ .. إنه الأمّ و لا تترك الأمّ إن هي
عنّفت ابنها
(( في هذه القصيدة روح انتماء قويّة و عروبة نازفة تستجدي ذاك الخنوع
الواضح في الأمّة .. إنها رمزيّة تحاكي واقعا انطلق من وجهة نظر
ذاتية )) .
وما علاقة هذا البيت بما يحصل في الساحة العربيه
ما للعروبـة تبدو مثل أرملةٍ؟ ....... أليس في كتب التاريخ أفراح؟
آآه من ذاك النزف العميق
هنا وضع نزار يده على الجرح كما يقال فالعروبة تنتحب و تبكي أبناءها
يجسّد هذا البيت ما نراه اليوم في واقعنا .. تيتّمت القيم الوطنية و غابت
الأصالة و تكالب العرب على المصالح و الكراسي و ضاعت الشعوب في
خضم هذه الانتحارات فسالت الدماء و تلطّخت الشهامة حيث انتفت من
القلوب النخوة إلا ما رحم ربي ...
باتت العروبة أرملة و تاهت أفراح الأمة العربية الإسلامية في غياهب القتل
و الحروب ... تشتت الشمل و ها هي الأمم تتداعى إلى قصعتها رغم أنّ
العدد كالسيل لكنه هباء ..
إليك هذه المقتطفات من قصيدة أخرى لنزار تختصر الكلام الذي قلت :
لا تسأليني عن مخازي أمتي
ما عدت أعرفُ _حين أغضب _
ما أريدُ..
و إذا السيوف تكسرت أنصالها
فشجاعة الكلمات.. ليس تفيدُ ..
لا تسأليني..
من هو المأمون.. والمنصور؟
أو من كان مروانٌ ؟
ومن كان الرشيدُ؟
أيام كان السيف مرفوعاً..
و كان الرأس مرفوعاً..
وصوت الله مسموعاً..
وكانت تملأ الدنيا..
الكتائب .. والبنودُ..
واليوم ، تختجل العروبة من عروبتنا..
وتختجل الرجولة من رجولتنا..
ويختجل التهافت من تهافتنا..
ويلعننا هشامٌ.. والوليدُ!!..
لا تسأليني..
مرة أخرى,, عن التاريخ..
فهو إشاعةٌ عربيةٌ..
و قصاصةٌ صحفيةٌ..
و روايةٌ عبثيةٌ...
لا تسألي، إن السؤال مذلةٌ..
وكذا الجواب مذلةٌ..
شكرا لحضورك الذي كان كغيث أنبت زهر الياسمين