موضوع خاص بالمسابقة الثقافيهثقافة العيب .. ليست دائما عيبا
تختلف عادات وأعراف المجتمعات من مجتمع لآخر ، وما نسميه عيبا في مجتمعنا يسمى قديما
من خوارم المروءة ، والناس مابين متراخ ومتشدد ، فتبدو العادات الحسنة كإطار عام لأفراد
المجتمع يحفظ لهم بناءً متماسكاً من خلال استنكاره لبعض الثقافات الدخيلة ، أو السلوكيات
التي يعدها المجتمع عيبا من باب العرف ، و بغض النظر عن المبالغات في هذا الباب ، لو تطرقنا
لثقافة العيب في مجتمعنا الإسلامي من جانب إيجابي لعلمنا أن أغلبها ثقافة أصيلة
في جذورها كثيراً ماتحركها دوافع الأخلاق العربية الكريمة ، كالشهامة والنخوة والحياء ، وبعضها
لها أصول شرعية دينية ، تحمل في طياتها الكثير من المعاني والنتائج المفيدة ، وهل الذي جاء به
الإسلام إلا مؤصلاً ومهذباً للعادات العربية الحسنة قبل الإسلام ؟ كما أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم
بقوله: (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ) -أخرجه البخاري في الأدب المفرد-
و قوله عليه الصلاة والسلام ( خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام إذا فقهوا ) - متفق عليه -
وإذا وافق العيب معنىً شرعياً فكل مايحتاج إليه الإنسان هو التوعية ليُرجع ماتعوّد عليه إلى أصوله
الدينية ليحقق العبادة التي خلق لأجلها .
وإلى زمن قريب كان مجتمعنا يستنكر ويعيب بعض المهن التي تقوم بها المرأة لكن إذا استندنا
إلى ماسبق فإننا نقول ليس من العيب أو الغريب أن المرأة في السعودية تعمل لتخدم
مجتمعها وتفيد غيرها ، بل هو مطلب يصل في بعض حالاته إلى حكم فرض الكفاية، وتستوي
في ذلك غالب المهن المناسبة لطبيعة المرأة ، ولكن ما يعيب ويُستغرب هو أن دولة يقوم دستورها
على الإسلام _الذي كفل للمرأة المسلمة نفقتها بوسائل شرعية دون إلزامها بكسب تلك النفقة_ وتملك من
فائض المال مايكفل العيش الكريم لكل أفراد المجتمع ، ثم مع ذلك كله نجد فيها من النساء من تُدفع للعمل
اضطراراً وليس اختياراً ، فتخرج من بيتها وتضيّع أسرتها لكسب لقمة عيشها وسد حاجتها
وحاجة من تعول من والدين أو أبناء بغض النظر عن نوع العمل الذي ستقوم به،
فكيف والمهنة التي ستقوم بها هي عاملة نظافة ؟
وبراتب قليل ومستوى متدني من الأجور لايكفي للقمة العيش ؟!
مما يضطرها لقبول الصدقة من الناس فيتحول عملها مع مرور الوقت
لمهنة تسول مقنَّعة، فلا وظيفتها أغنتها ولا كرامتها أبقتها .
وعليه فإن السؤال الذي يطرح نفسه .. متى نرعى بأنفسنا احتياجات أفراد مجتمعنا دون
الإخلال بثقافته النابعة من مبادئه وقيمه الدينية ؟؟
بل متى نحقق الإكتفاء المادي لكل فرد على أرض الوطن دون أن نضطره لما قد يهين كرامته؟؟
فعندما توجد ميزانية تريليونية، لن تعجز الدولة _بإذن الله_ عن إيجاد حلول تُخرج المرأة _تحديداً_ من مأزق
الحاجة ، دون أن تضطرها للعمل ، فضلاً عن عملها في مهنٍ لا تليق بها كعاملة نظافة _ التي هي في نظر
مجتمعنا الشهم من الأعمال المعيبة _ لأجل أن تكفي نفسها الجوع والتشرد في دولة نفطية غنية .
إضافة إلى أن الدولة لن تعدم من رجالها المخلصين من خبراء واختصاصيين من يقدم أكثر من طرح
لايتعارض مع دين المجتمع وثقافته لتحسين ظروف عمل المرأة، وباقي الظروف المعيشية لسائر الناس ليتحقق
الأمن الوظيفي والمعيشي بالعدل والذي هو من أهم أسباب استقرار الأمن في هذا الوطن الغالي .
منقووول