اليوم السبت 21/12/1431هـ تنشر لي جريدة المدينة مقالا أنقله لكم مع الشكر والتقدير ....
رحمك الله يافتاة زمزم
زمزم اهتزي وتزلزلي وارجفي واسمعي قومي غضبك اليوم غضبي وحزنك اليوم حزني وألمي واويلتاه فتاة في عمر الزهور تذبل كوردة حان قطافها وتخرج من الدنيا كقطرة ندى أذابها شعاع الشمس. قصة جعلت دموع عيني تذرف وهي العصية التي لا تتوقف أبدًا حين تسمع بمصيبة الموت تنزل وتقع في مكان ما الموت الذي يصطفي من الناس أخيارهم وسبحانك اللهم وبحمدك لا اعتراض. الموت الذي يداهم حين فجأة وبدون مقدمات وليته ينزل بهدوء ويذهب بهدوء، بل إنه في أحايين كثيرة يختار أبشع الصور وأقسى الوسائل والأدوات حين يفصل ويفرق بين الروح والجسد. زهرة زمزم تلك الصبية الفتية والطاهرة النقية غادرت روحها الطيبة بإذن الله جسدها الطاهر وأبقت من خلفها قصة تراجيدية وذكرى مؤلمة وجرحًا لا يكاد يلتئم. عندما قرأت خبرها في الصحف ظننت أن استخدام محرر الخبر للفعل (يذبح) ما كان إلا لمزامنة الحادثة لعيد الأضحى وما يحدث فيه من التقرب إلى الله بذبح الأضاحي لكن الحقيقة المؤلمة أن الجاني أجهز على زوجته ذبحًا بالسكين حتى كاد أن يفصل رأسها عن جسدها وأوغل في الأمر كثيرًا وزادها عبثًا وتشويهًا. قصة جعلتني أتوجه نحو قريتها بعد أقل من أربع وعشرين ساعة من لحظة وقوع الحادثة لأجدها حزينة تبكي فراق ابنتها رائحة الموت تغطي القرية والحزن يلفها. وعلامات الصدمة تكسو وجوه منسوبي المستشفى الذي نقلت إليه، فما كان أحد يتخيل أن يرى ما رأى. فتاة زمزم الموسم بصامطة جازان لم تذهب ضحية لزوج مضطرب نفسيًا، بل أُزهقت روحها نتيجة لمجتمع متخاذل وكسول. المجرم والجاني ليس الزوج فقط، بل كل من كان يعلم عن حالة الرجل من الجهات ومؤسسات المجتمع المدني صحية وحقوقية وأمنية والأخيرة بحكم عمل الجاني إذ جعلوه يمشي بين الناس حرًا طليقًا والطب يعلم أن ما حدث وأسوأ منه كان متوقعًا في أي لحظة. فالجاني كان يعاني من مرض نفسي واكتئاب شديد والمرض يعالج ولكن المجتمع رجعي ومتخلف ومتزمت بأفكار رجعية ورؤى بالية قديمة تعتبر المرض النفسي جنونًا والمريض النفسي مجنونًا والعلاج مستحيلًا حتى مؤسسات المجتمع كذلك لأن كثيرًا منها يقودها ثلة من هؤلاء السابقين الذين ذكرت صفاتهم وسيسألون. ماتت فتاة زمزم وسيكتب البعض عنها ويرثيها ويدعو لها ويتأسف لمقتلها وستلحق بها ألف زهرة ووردة أخرى وسأذكركم. سيحاكم الجاني وآلاف الجناة يسرحون ويمرحون أحرارًا طلقاء وستنتهي القضية بدفن الفتاة. ولكن ماذا لو كان الرجل لم يتقاعد من عمله نظير ظروفه الصحية وكان المجني عليه هو رئيسه وقائده في العمل أترك الجواب لكم. أما جمعية حقوق الإنسان فهي نائمة ولن تستيقظ لموت فتاة!! وما الذي يوقظها؟!! ترى ما الذي ستفعله الجهات المختصة ومؤسسات المجتمع المدني لمنع تكرار مثل هذه الحادثة مستقبلًا؟ اللهم ارحم فتاة زمزم وأسكنها فسيح جناتك وألهمنا وأهلها وذويها الصبر والسلوان إنا لله وإنا إليه راجعون.
محسن موسى طوهري - جازان
http://www.al-madina.com/node/275418