بين التقدير والتقديس
قال تعالى : (وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدّاً وَلَا سُوَاعاً وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً) (نوح : 23 )
من المعلوم للجميع أن ودا وسواع ويغوث ويعوق ونسرا رجال صالحون
جاء من بعدهم من (ارباب الجهل) ونصبوا لهم ثماتيل ليتقربوا بهم الى الله
والائمة الأربعة هم من صفوة السلف رحمهم الله وغفر لهم وجمعنا بهم في داره
الا أنك حين تقرأ ما كان من أتباعهم من الفرقة والسباب بل بلغ الأمر ان
بعض ارباب كل مذهب لا يزوجون من كان من المذهب الآخر
____________________________
على مر التاريخ الإسلامي من يصدر البلاء والفتنة هم الأتباع الجاهلون
الذين يرفعون امامهم فوق مرتبته وينزلون كلامه منزلة تضاهي الوحي او السنة
ولعلنا في حياتنا اليوم اصبحت ترفع في وجوهنا كثيرا أسماء لا تملك الا الاستسلام لها
ويعد الخروج عن رأيها مخالفة خطيرة تستوجب التوبة أحيانا
أحبتي:
ان العالم حين يتبحر في علوم الدين ويخرج الفتوى هو لايقول أن رأيه هو الدين
وهو الملزم كما يتخيل البعض
بل هذه الفتوى هي فهمه الشخصي للأدلة واسقاطاته الخاصة لها على ارض الواقع
ومن هنا نشأ الخلاف بين الجهابذة
فينبغي علينا التفريق ابتداء بين النص الثابت الذي لا يتغير
وبين شرح النص الذي يخضع لعوامل عدة منها:
سعة علم العالم، ومرحلته الزمنية، ومكانه، والثورة التقنية من حوله، والأنظمة التي تحكم حياة الناس
انه لمن المجازفة بمكان اجترار كل التراث
واقصد بالتراث ( الرؤى والفتاوى وليست النصوص الثابتة)
واسقاطها على الواقع بكل حيثياتها
فهذا يعد اساءة للكثير
اساءة للعلماء الذين افتوا وفق رؤية معينة وملابسات معينة فأصبحت فتاواهم تقحم في ظروف مخالفة
وقد يتهمهم البعض المغرض وهم براء من التهم
لأنهم قدموا رؤيتهم وفهمهم حسب مرحلتهم الزمنية بكل ما يحيط بها ولم يطالبونا باسقاطها على زمن غير زمانهم
واساءة للعلماء المعاصرين حيث ان البعض مهووس بالعقل السلفي ويفترض انه وصل الى درجة الكمال
واي فتوى معاصرة لدى البعض لابد ان تجد ما يدعمها من اقوال السلف والا فهي معرضة للرد
الا يمكن ان يكون من علماء عصرنا من يفوق علماء السلف
ويجلي لنا قضايانا الآنية ويجيب على تساؤلاتنا الحالية
هل عجز العقل البشري عن ايجاد حلول شرعية لظروف حياتنا كما قدمها علماء السلف في عصرهم
ان التقديس الذي يحظى به التراث من شأنه ان يحد من انطلاقتنا لبناء فقه جديد يتلاءم وروح العصر
في غير تبدبل لثوابت الدين واقصد ثوابت الدين ( التي ثبتت بالقرآن والسنة الصحيحة)
ان غربلة التراث والوقوف معه وقفة مراجعة ونقد من ذوي الاختصاص والشأن امر محتم
ولن يكون ذلك الا برفع غطاء القدسية التي حظي بها زمنا
واصبح اصدار رأي يخالف احد الأئمة المعلومين جرم لا يغتفر
ان تراثنا ملئ بدرر ثمينة ينبغي استخراجها وتوظيفها توظيفا صحيحا
وملئ بآراء لم تعد نافعة لهذا الزمن ينبغي استبدالها وشطبها
ولا يعد استبدالها تبديلا للثوابت
فإلى مزيد من الانعتاق من سلطة التراث في كل صغيرة وكبيرة
والى مزيد من العيش في سعة الدين وبحبوحة الاسلام
ودمتم